(مَعْرِفَةُ دِينِ الْإِسْلاَمِ بِالأَدِلَّةِ وَهُوَ) أي الإسلام (الاِسْتِسْلاَمُ لِلَّهِ بِالْتَّوْحِيدِ، وَالاِنْقِيَادُ لَهُ بِالْطَّاعَةِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الْشِّرْكِ وَأَهْلِهِ) هذه ثلاث قواعد أو أصول عامة عرَّفَ بها المصنف رحمه الله تعالى الإسلام وهي متداخلة (الاِسْتِسْلاَمُ لِلَّهِ بِالْتَّوْحِيدِ) يشمل (الاِنْقِيَادُ لَهُ بِالْطَّاعَةِ) و (الاِنْقِيَادُ لَهُ بِالْطَّاعَةِ) يشمل ماذا؟ (الْبَرَاءَةُ مِنَ الْشِّرْكِ وَأَهْلِهِ) فهي متداخلة، وإنما نص المصنف على (الاِنْقِيَادُ لَهُ بِالْطَّاعَةِ وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الْشِّرْكِ) من باب أهمية ما ذُكِر، وإلا فهي داخلة في الأصل الأول. (الاِسْتِسْلاَمُ) استفعال والمراد به الانقياد والخضوع والإذعان، لأن يستسلم العبد لربه. قال: (لِلَّهِ) . أي لمعبوده بالتوحيد، الاستسلام بالتوحيد أن تذل وتخضع لله تعالى بما يستحق من الربوبية والإلوهية والأسماء والصفات، فهذه ثلاثة الأنواع داخلة في قوله: (بِالْتَّوْحِيدِ) والتوحيد كما هو معلوم سيأتي ذِكْر المصنف لذلك إثبات ونفي، فلا بد من ركنين هما الإثبات، وهذا مقرر في قوله: إلا الله، ولا بد من نفيٍ وهذا مقرر في قوله: لا إله، لا إله إلا الله اشتملت على ركنين اثنين إثباتٌ ونفي.
إذًا (الاِسْتِسْلاَمُ لِلَّهِ بِالْتَّوْحِيدِ) بأن تستسلم لربك استسلامًا شرعيًا، وأما الاستسلام الذي هو الاستسلام القدري، ما يعبر بالحكم الكوني هذا يستوي فيه جميع المخلوقات، وهو المعني بقوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83] هذا إسلام كوني ولذلك بعضهم يعرف الإسلام أو يقسم الإسلام إلى نوعين:
إسلام كوني قدري.
وإسلام شرعي.
ثم يأتي للإسلام الشرعي فيقول هذا على نوعين:
إسلامٌ عام.
وإسلامٌ خاص.
والتقسيم صحيحٌ ولا إشكال فيه.