فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 89 من 174

وأما الإسلام الخاص فهو ما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - فيشمل حينئذٍ الأصول والفروع، يعني: يشمل الْعِلْمِيَّات والْعَمَلِيَّات فلا يختص بالتوحيد دون الفروع ولا يختص الفروع دون التوحيد، حينئذٍ يشترك الأصل والفرع في مسمّى الإسلام.

إذًا يطلق الإسلام ويراد به الإسلام العام، وهو التوحيد الذي جاءت به الرسل، وبطلق الإسلام ويراد به المعنى الخاص، ويراد به ما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - من الأصول والفروع، وإن شئت قل من الْعِلْمِيَّات والْعَمَلِيَّات لأن بعض أهل العلم يرى حرج في تقسيم الدين إلى أصول وفروع. والمراد بالإسلام هنا الإسلام الخاص لأن العبد سيسأل في قبره عن هذه الأسئلة من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟

إذًا ما دينك الذي جاء به نبيك، من نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - جاء بماذا؟

بالإسلام الخاص حينئذٍ مراد المصنف هنا هو الإسلام الخاص، وهو عام من جهةٍ أخرى بمعنى أنه يشمل الإيمان والإحسان، حينئذٍ صار له خصوص من جهة مقابلته بالإسلام العام، وصار هو في نفسه عامًا بأنه يشمل الإيمان والإحسان.

(بِالأَدِلَّةِ) جار ومجرور متعلق بقوله: (مَعْرِفَةُ) ، سبق الحديث عن هذه المسألة فيما سبق، هل يشترط في هذه الأصول الثلاثة أن تكون معلومة بالدليل بمعنى أنه إذا لم يعرفها بالدليل لا يكفي؟

ولا يصح التقليد في المعتقد؟

قلنا: هذا قولٌ لبعض أهل العلم وهم قلة، ولكن جماهير السلف بل حكاه بعضه إجماعًا أنه لا يُشترط الدليل في معرفة التوحيد البتة، وهذا هو ظاهر الكتاب والسنة، وقد ذكرنا أقوال لبعض أهل العلم. إذًا (بِالأَدِلَّةِ) هذا متعلق بقوله: (مَعْرِفَةُ) يعني معرفةٌ حاصلةٌ بالأدلة، أو معرفة سببها الأدلة، تكون الباء سببية، أو معرفةٌ مع الأدلة فتكون الباء هنا بمعنى مع، يعني للمصاحبة، والصحيح أن هذا القيد لا مفهوم له، يعني لا ينبغي أن يقال بأن المعرفة إذا لم تكن عن دليل حينئذٍ نقول: هذه غير معتبرة، بل الصواب أن التقليد كما أنه يجوز في الجملة في الفروع كذلك يجوز في الأصول. قال الله عز وجل: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] {فَاسْأَلُواْ} هذا عام، وأحال هنا للسؤال إلى أهل الذكر والسؤال هنا عام من حيث السائل والأصل فيه أنه جاهل، فأحاله على أهل الذكر وهذا يعمّ الأصول والفروع، ثم الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما فتحوا الفتوح كانوا يدعون الناس إلى اعتقاد مدلول لا إله إلا الله دون مطالبتهم بالأدلة على ذلك، وكما أن المسلم لا يطالب بالأدلة على الفروع فمن بابٍ أولى ألا يطالب بالأدلة على الأصول. يعني قد يفعل المستحبات والواجبات ولا يدري ما دليله من كتابٍ أو سنة، حينئذٍ كونه يعلم أن هذا واجب ويفعله يكفيه، وكذلك كونه يعلم أن معنى قوله: لا إله إلا الله لا معبود حق إلا الله فيقتضي هذه الشهادة بمعناها الصحيح، يعني يعمل بمقتضاها حينئذٍ نقول: هذا يكفي ولا إشكال في ذلك. بل نسب القول باشتراط الدليل لبعض المعتزلة والأشاعرة ونحوهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام