الشمس بالنصب عطفٌ على قوله ( {السَّمَاوَاتِ} ) ، ( {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} ) ، ( {السَّمَاوَاتِ} ) بالنصب على أنه مفعولٌ لخلق، وهنا ( {وَالشَّمْسَ} ) أي وخلق الشمس فهو معطوفٌ على السماوات، ( {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ} ) ، ( {مُسَخَّرَاتٍ} ) هذا حال أي مذللات جاريةٍ في مجاريها بتسخير الله تعالى لا تتقدم ولا تتأخر، ( {مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} ) جل وعلا، والأمر مقابلٌ للخلق كما قال سبحانه: ( {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} ) وقد ذكره فيما بعد ( {أَلاَ} ) حرف تنبيه أداة تنبيه يدل على أن ما بعده مما ينبغي الانتباه له ( {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} ) ، ( {لَهُ} ) اللام هنا للاختصاص وفيه حصرٌ لتقديم الجار والمجرور، فقوله: ( {الْخَلْقُ} ) هذا مبتدأ مؤخر، و ( {لَهُ} ) هذا خبر مقدم، وإذا قدم ما حقّه التأخير أفاد الاختصاص والقصر، وهو إثبات الحكم بالمذكور ونفيه عما عداه ( {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ} ) يعني لله عز وجل الخلق دون ما سواه، فيفرد الرب جل وعلا بهذه الصفة، نعتقد بأن الله تعالى متفرد بهذه الصفة ولا يَشْرَكُهُ فيها أحدٌ البتة، فهو المتفرد بالخلق لا شريك له فيه ( {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} ) المراد به التشريع، ويشمل الأمر الكوني كذلك والقدري والتشريع، فيندرج النوعان تحت قوله: الأمر، وهو يدخل فيه كلامه جل وعلا والقرآن كذلك، ومن هنا استدل أهل السنة والجماعة على أن القرآن ليس بمخلوقٍ لأنه من أمره جل وعلا، وهنا غاير بينهما والعطف بالواو يقتضي المغايرة، ثَمَّ أمران لا يجتمعان يعني ليس بينهما قدرٌ مشترك من حيث الوجود وهما ( {الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} ) ، وإنما الخلق يكون بأمره فهو ثمرة كن فيكون، ( {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} ) قلنا: ( {الأَمْرُ} ) هنا أي منفردٌ بالأمر لأنه معطوفٌ على ما سبق كأنه قال: له الخلق وله الأمر أي التشريع فهو منفردٌ بالخلق ومنفردٌ كذلك بالأمر ( {تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ) أي تعالى في نفسه جل وعلا لعظمة أوصافه وكمالها وبارك في غيره ( {تَبَارَكَ} ) في نفسه وبارك في غيره فهو متعدي صفة متعدية لأن الصفات صفات الرب جل وعلا منها ما هو لازمٌ ومنها ما هو متعدّي، الأول ككبريائه جل وعلا، والثاني كالرحمة ومنها البركة ( {تَبَارَكَ} ) أي تعالى، عظم وتعالى وكثر خيره وإحسانه ( {تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ) إذًا فيه إثبات أن هذه مخلوقات وهي السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم وهي مسخراتٌ بأمره جل وعلا، حينئذٍ لا تكون هذه إلا دليلاً على الخالق جل وعلا، وأن الذي خلقها وسخرها وسَيَّرَهَا هو الذي يستحق للعبادة دون هذه المخلوقات.