فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 65 من 174

( {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ} ) أي وجود الليل والنهار مع تعاقب كلٍ منهما للآخر ( {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ} ) كذلك وجود الشمس والقمر ( {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ} ) هذا نهيٌ من الرب جل وعلا أن تُصْرَفَ العبادة لغيره ولو كان من الليل والنهار والشمس والقمر مما تعجب منه النفس المخلوقة أو تتعلق بكونه قد يكون خالقًا ونحو ذلك، فقال سبحانه: ( {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ} ) فهذه وإن كانت آيات عظيمة قد تتعلق بها النفوس الضعيفة إلا أنه لا يقتضي أن يسجد لها لأنها مخلوقة، فأنت مخلوق وهي كذلك مخلوقة، وخصّ السجود هنا دون سائر العبادات مع كونه يدل على العبادات كلها لأنه عبارةٌ عن نهاية التعظيم، السجود هذا أبلغ ما يكون من التعظيم، حينئذٍ يكون من باب ذكر الشيء الدال على ما هو أدنى منه، يعني الأعلى يدل على الأدنى، فإذا كان السجود الذي هو أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه جل وعلا وفيه دلالةٌ على نهاية التعظيم والذل لله سبحانه، فحينئذٍ ما دونه يكون من بابٍ أولى وأحرى، كأنه قال: لا تعبدوا الشمس والقمر، ( {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} ) ، ( {وَاسْجُدُوا} ) أي اعبدوا الله وحده لأنه كما سبق أنه لم يُعْنَ السجود بعينه وما عداه فيكون مما يجوز صرفه، لا، ليس هذا المراد، إنما المراد به العموم فذكر بعض العبادات دالاً بها على البعض الآخر ( {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} ) أي اعبدوا الله وحده لأنه الخالق العظيم لكم ولهذه الآيات والمخلوقات العظيمة، ولذلك عَلَّلَ بالأمر بالسجود له دون ما سواه ( {الَّذِي خَلَقَهُنَّ} ) يعني لأنه [خالقٌ لهذه السماوات أو، نعم] [1] لأنه خالقٌ لليل والنهار والشمس والقمر ( {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ) فإن لم تكن تعبدوه أو تفردوا الله تعالى بالعبادة حينئذٍ وقعتم في السجود لغيره جل وعلا، أو وقعتم في صرف العبادة أو شيءٍ من العبادة لغيره جل وعلا فوقعتم في الشرك. إذًا قوله: ( {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ) فلا تسجدوا إلا لله عز وجل، فيكون جواب الشرط محذوف لدلالة ما سبق.

(1) سبق.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام