فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 63 من 174

(وَكُلُّ مَنْ سِوَى الْلَّهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ) . هذا تفصيلٌ لما أجمله أو دلّ عليه فيما سبق لأنه قال: ( {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ) ، (وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَالَمِ) إذًا ثبوت الربوبية دالٌّ بالنص لأن ربَّ العالمين هذا يُعتبر من صيغ العموم وحينئذٍ الحكم الذي ثبت بلفظٍ عام يتبع آحاده كل فردٍ بحكم يخصه، كما إذا قيل: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] حينئذٍ كل مشركٍ وجب علينا قتله هذا كمثالٍ فقط، (وَكُلُّ مَنْ سِوَى الْلَّهِ عَالَمٌ) يفيد دخوله في قوله: ( {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ) ، (وَكُلُّ مَنْ سِوَى الْلَّهِ عَالَمٌ) ، (عَالَمٌ) سُمِّيَ (عَالَمٌ) لماذا؟ لأنهم علمٌ على خالقهم جل وعلا، (وَأَنَا) أيها الإنسان (وَاحِدٌ) وفرضٌ من جملة ذلك العالَم الذي ثبتت الربوبية لله تعالى بالنص الثاني، (وَأَنَا وَاحِدٌ) أي فردٌ (مِنْ) جملة (ذَلِكَ الْعَالَمِ) أي المخلوقات المربوبة المتعبدة لله عز وجل قهرًا وإذا أسلم كذلك اختيارًا.

(فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟) يعني ما الدليل الموصل إلى معرفة الرب جل وعلا، وعرفنا بما سبق أن النظر هنا يكون من جهتين من جهةٍ عقلية ومن جهةٍ شرعية، واختار المصنف هنا الجهة العقلية لأنها يستوي فيها الكافر والمسلم، لأن الكافر لا يقال: بأنه عرف ربه على جهة الإجمال من جهة الشرع، وإنما عرفه من جهة العقل، ولذلك قال: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟) أي بما استدللت على معرفتك ربك؟ (فَقُلْ: بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ) ، (بِآيَاتِهِ) الباء سببية يعني المعرفة حاصلة بسبب الآيات والمخلوقات، والآيات جمع آية، والآية هي العلامة والدلالة والبرهان والحجة، (وَمَخْلُوقَاتِهِ) جمع مخلوق وهو ما وُجِدَ بعد عَدَمٍ، وهما بمعنى واحد، وإن كان الأصل في الآيات أنه يشمل الآيات الشرعية والآيات الكونية، وحمله بعضهم على أنه من عطف الخاص على العالم، لكن هذا ليس مراد المصنف رحمه الله تعالى لأنه قال: ( {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37] ) ولا شك أن الشمس والقمر والليل والنهار ليست من الآيات الشرعية، فمراده بالآيات هنا الآيات الكونية، ولا غبار على ذلك لأن المصنف رحمه الله تعالى يجري في سائر مؤلفاته لا على جهة الاختصار الذي يمكن أن يراعى فيه الاختصار الذي قد ينتقده أصحاب المتون ونحو ذلك، وإنما أراد البسط فهمه ومقصده هو إيصال المعلومة فحسب، وأما سرده على جهة الاختصار أو التوسط ونحو ذلك فليس من صنع المؤلف رحمه الله تعالى، ولا عتب عليه في ذلك. إذًا في آياته ومخلوقاته بمعنًى واحد، حينئذٍ يكون المخلوقات بمعنى الآيات، وكذلك الآيات بمعنى المخلوقات، فالآيات هنا المراد بها الكونية، والمخلوقات جمع مخلوق وهو ما وجد بعد عدم وهي التي نصبها الله تعالى أدلةً على وحدانيته جل وعلا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام