فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 62 من 174

وهذا مراد المصنف أن يقابل توحيد الربوبية بتقريره للأصل الأول وهو معرفة الله تعالى بدليل ما بعده من ما ذكرناه سابقًا (وَالْدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ) الدليل على ماذا؟ دليل على أن الله تعالى هو المستحق للعبادة لكونه سبحانه هو المربي لجميع العالمين، حينئذٍ كونه مربيًّا لجميع العالمين علة وسببًا أو علةً كونه جل وعلا مربيًّا لجميع العالمين علةً وسببًا يكون لوصفه باستحقاق العبودية، والدليل على أن الله هو المستحق للعبادة لكونه سبحانه هو المربي لجميع العالمين قوله تعالى في مواضع ( {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ) ، ( {الْحَمْدُ} ) أل هذه للاستغراق، حينئذٍ يشمل أنواع الحمد كلها، و ( {الْحَمْدُ} ) هو ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، فهو إخبار عن صفات المحمود مع المحبة والتعظيم والإجلال، فإن خلا عن الثاني وهو المحبة فهو المحبة فهو مدحٌ لا حمد، هذا الحمد بأنواعه كلها ( {لِلَّهِ} ) أي مستحقٌ لله، فاللام هنا للاستحقاق ويحتمل أنها للاختصاص، وعلى المعنيين المعنى واحد وهو أن هذه المحاسن وهذا الإخبار عن صفة المحمود مختصٌّ بالله عز وجل ومستحقٌ له سبحانه، ( {لِلَّهِ} ) هنا يفسر بالإله لأن الله على الصحيح مشتقٌ من الإله، والإله فِعَال بمعنى مَفْعُول وأَلِهَ يَأْلَهُ إِلاهَةً وأُلُوهَةً بمعنى عَبَدَ يَعْبُدُ عِبَادَةً، حينئذٍ لله أي للإله فأنه قابل معبود، فالحمد ثابتٌ بأنواعه كلها للإله وهو الله عز وجل، والله علمٌ على المعبود لا يُسَمَّى به سواه، وهذا فيه إثبات لأنه المعبود وحده لا شريك له، ففيه إثبات الإلهية له دون غيره. قوله: ( {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ) هذا جرى مجرى التعليل يعني لو قيل، لو سأل سائل: الحمد لله، لم كان الحمد بأنواعه كلها لله اختصاصًا واستحقاقًا؟ قال: لكونه ( {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ) فجمع بين النوعين نوعي التوحيد توحيد الإلوهية في قوله: ( {لِلَّهِ} ) وتوحيد الربوبية في قوله: ( {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ) و ( {رَبِّ} ) هذا صفة أو بدل مما سبق وجرى مجرى التعليل. ( {رَبِّ} ) أي خالقهم ومالكهم ومدبر شؤونهم، ( {الْعَالَمِينَ} ) المراد بالجمع هنا الأفراد والأنواع المختلفة فهي داخلةٌ في العبودية له جل وعلا وهي عبودية القهر الشاملة لكل المخلوقين، والعالمون هنا يشمل العوالم المكلفة وغير المكلفة. إذ واحده العالم وهو اسمٌ لأجناسٍ ما يُعْلَم وهو كل ما سوى الله. إذًا الدليل وافق المدلول، أراد المصنف أن يبين أن الرب إنما هو أن يبين الرب هو الخالق المالك المربي وهو كذلك المعبود واستدل بهذه الآية جمعًا بين المعنيين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام