فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 59 من 174

(مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ) الرب كما سيأتي في الأصل المعنى اللغوي لا يفسر بالمعبود ولكن له استعمالاً شرعيًا سيأتي بحثه وهو أن الرب يُطلق ويراد به الخالق المعبود فحينئذٍ يكون له حقيقيةٌ شرعية، ولفظ الله والرب إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، فإذا افترقا حينئذٍ يفسر الله بمعنى الخالق المعبود المطاع، وإذا انفرد لفظ الرب حينئذٍ فُسِّرَ بالخالق المربي المعبود كذلك، وإذا اجتمعا حينئذٍ يفسر الرب بالمربي أو الخالق المالك المدبر لشؤون الخلق، ويفسر الله بالمعبود، وهنا معلومٌ أن هذا الأصل يمتحن العبد في قبره، ويرد السؤال: لو جعل الرب على المعنى الأصل حينئذٍ هل الامتحان والابتلاء للربوبية أو في الإلوهية؟ لا شك أنه الثاني يتعين حينئذٍ حمل هذا اللفظ ربه بمعنى معبوده، لأن الكافر والمسلم سواء في الاعتراف بالربوبية في الجملة، حينئذٍ المشركون والكفار هم مقرون بوجود الرب جل وعلا ومقرون بوصفه بأهم مفردات وآحاد الربوبية من الخلق والملك والتدبير، حينئذٍ لا يمكن أن يقال بأن الامتحان في القبر منصبًا على الربوبية وإنما المقصود به الإلوهية حينئذٍ يحمل قوله: (مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ) أي معرفة العبد معبوده، لأن هذا المقام هو الذي يكون فيه الابتلاء وليس في معاني الربوبية، (مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ) تكون بطريق الوحي، وكذلك بطريق النظر، بمعرفة العبد ربه بطريق الوحي بالنظر في أسمائه جل وعلا وصفاته الثابتة في الكتاب والسنة، لأن المقام في الأسماء والصفات التوقيف، حينئذٍ لا بد من الوقوف على السمع، فمعرفة العبد ربه تكون من جهة العقل بالنظر في الآيات الكونية والمخلوقات وتكون بالنظر الشرعي في الآيات الشرعية وما دلت عليه هل تضمنته من الأسماء والصفات، فالمقام مقام توقيف، (وَدِينِهُ) هذا الأصل الثاني وهو الذي تعبدنا الله به، والدين المراد به العمل كما سبق والمراد به هنا الإسلام الخاص عندنا المقام مقام ما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (وَدِينِهُ) أي و (مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ) بالنصب على أنه مفعولٌ لمعرفة، معرفة مصدر أو اسم مصدر أضيف إلى الفاعل، الذي يعرف هو العبد حينئذٍ أضيف المصدر أو اسم المصدر إلى فاعله فنصب المفعول به قيل: (مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ) بالنصب، أي يعني يعرف العبد ربه، (وَدِينِهُ) بالنصب عطفًا على ربه لأنه معطوفٌ على منصوب، حينئذٍ يكون حكمه حكمه، (وَدِينِهُ) الذي تعبدنا به وهو فعل ما أوجب علينا أن نفعله وترك ما أوجب علينا تركه وهذا أصلٌ عظيم فيجب علينا معرفته، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -) لأنه الواسطة بيننا وبين الله عز وجل، الله تعالى غيب وما يريده من الخلق كذلك غيب حينئذٍ لا بد من طريقٍ يبين لنا ما الذي يريده الله تعالى من الخلق، وهو الشأن أو تفصيل العبادة التي أجملها في قوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام