هذا من باب التأكيد حينئذٍ (عَلَى الْإِنْسَانِ) هذا أل تفيد العموم، المفرد إذا دخلت عليه أل حينئذٍ يفيد العموم، وكذلك قوله تعالى كما سبق {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: 1 - 3] لما استثنى دل على أن المراد بالإنسان هو العموم، لأن الاستثناء معيار العموم، التي يجب على الإنسان معرفتها يعني العلم بها ولا يكفي العلم بل لا بد من العمل بمقتضاها، لأن العلم لا يكون علمًا نافعًا إلا إذا عمل بمقتضاه، يعني بما دل عليه لأن العمل هو المقصود بالأصل، والعلم مرادٌ لغيره فإذا كان العلم مرادًا لنفسه لذاته فهي شهوة تكون خفيةً في نفس الإنسان، وإنما المراد أن يعمل بهذا العلم أن يكون لهذا العلم ثمرة على جوارحه وكذلك في عمل قلبه، معرفتها ثم العمل بمقتضاها (فَقُلْ) الجواب على هذه الأصول الثلاثة ما هي الأصول الثلاثة؟ قال: (فَقُلْ) جازمًا تقدر جازمًا لأن ما يذكره من باب المعتقد، وباب المعتقد لا بد فيه من الجزم، لا يقبل فيه الشك البتة، فإذا شك فيما وجب الاعتقاد فيه حينئذٍ خرج من الملة إن كان ذلك يخرجه، يعني: الأصل الذي وقع الشك فيه يخرجه من الدين، لأنه لا بد من الجزم ولا بد من العقيدة، العقيدة لا تكون عقيدةً مع الشك، وإنما تكون عقيدةً مع الجزم والقطع، ولذلك قال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات: 15] . يعني لم يشكوا لأنه إذا شك وقع في النفاق (فَقُلْ: مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينِهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -) ، أوردها المصنف رحمه الله تعالى على جهة الإجمال، ثم يفصلها واحدًا تلو الآخر، (مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ) سبق أن المعرفة عند المصنف بمعنى العلم، وهذا هو في أكثر استعمالات لسان العرب أن العلم والمعرفة بمعنًى واحد، وإذا قيل لأنه لا يقال في شأن الرب جل وعلا عَارِفْ أو يَعْرِفْ هذا الاختصاص مقام الربوبية والإلوهية، وأما في شأن الخلق بعضهم مع بعض شأن الإنسان في نفسه فالعلم والمعرفة بمعنى واحد، ولم يرد إطلاق لفظ المعرفة على الرب جل وعلا وإنما جاء لفظ العلم، وأما في شأن المخلوق فالعلم والمعرفة بمعنًى واحد حينئذٍ يكون العلم هو إدراك المعاني.
العلم إدراك المعاني مطلقا ... وحصره بطرفين حققا