فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 57 من 174

فالمقصود حينئذٍ الأصلي هو الجواب وإذا كان كذلك فلا يختلف باختلاف السائل، وعليه فلا أهمية لذكره في هذا المقام، يعني: مقام التعلم والتعليم، (فَإِذَا قِيلَ لَكَ) يعني سألك سائل (مَا الْأُصُولُ الْثَّلاثَةُ) ؟ (مَا) استفهامية و (الأُصُولُ) جمع أصلٍ وهو ما يُبنى عليه غيره هكذا في لسان العرب، ومن ذلك أصل الجدار وهو أساسه، وأصل الشجرة الذي يتفرع منه الأغصان كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} [إبراهيم: 24] (مَا الْأُصُولُ الْثَّلَاثَةُ) ؟ عدها بثلاثٌ لأنها هي التي وردت في الحديث، بأن العبد يمتحن في قبره بأن يسأل هذه الأصول أو هذه المسائل الثلاثة، (الْتِّي يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ مَعْرِفَتُهَا) ، (الْتِّي يَجِبُ) بيانٌ لحكم هذه الأصول لأن الوجوب حكمٌ شرعي عرفنا أن المراد هنا بالوجوب الوجوب العيني، بل هو أعلى درجات الوجوب، لأن الواجب يختلف ليست الواجبات في منزلةٍ واحدة أو في مرتبةٍ واحدة، بل منها ما هو عيني، ومنها ما هو كفائي، ثم العيني أو الكفائي منه ما هو مختلفٌ أو متفقٌ عليه، ومنها ما مختلفٌ فيه. وأعلى الدرجات هو العيني المتفق عليه، وهذا منها، حينئذٍ هذه الأصول هي أصولٌ أوجبها الله تعالى عينًا على كل مكلفٍ، وإذا قيل: أوجبت عينًا على كل مكلف حينئذٍ يترتب عليها أنه لا يُعْذر بالجهل في هذه المسائل الثلاثة، إذا قيل: هذا أمرٌ عيني أو واجبٌ عيني، حينئذٍ لا يعذر بالجهل فيها (الْتِّي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ) ، (الإِنْسَانِ) هنا فيه عموم فيشمل المسلم والكافر لما ذكرنا سابقًا أن التوحيد يُخاطب به الكفار والمسلمون، فمن أسلم حينئذٍ لا إشكال أنه أتى بأصل التوحيد، ثم يراد منه الاستمرار والتأكيد على هذا المقام، حينئذٍ يؤتى به على الأمر ونحو ذلك من باب التأكيد. قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ} ... [النساء: 136] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام