إذًا بين المصنف رحمه الله تعالى في هذه المقدمة بيان وإيضاح لملة إبراهيم، وهي التي أُمِرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} بأن يتابع هذه الملة، وكذلك أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي عبادة الله تعالى بالإخلاص، وكل رسولٍ إنما يدعو قومه إلى عبادة الله تعالى بالإخلاص، {أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} فحينئذٍ هذا هو أعظم ما أمر الله عز وجل به، وما يناقضه يكون أعظم ما نهى الله تعالى عنه، وهذا يجعل المرء أن يفكر بنفسه أولاً في علمه وتعلمه، بأن تتجه النفس إلى أعظم ما أمر الله عز وجل، لأن تتعلق بأن يعرف معنى التوحيد، ومسائل التوحيد، وأنواع التوحيد، وما يتعلق من حيث الضدية الذي ينافي التوحيد من أصله أو ينافي كماله الواجب أو ينافي كماله المستحب لأن المسلم يدور مع رضا الرب جل وعلا، حينئذٍ أعظم ما أمر الله عز وجل يكون هو أكمل ما رضي الله تعالى عنه، حينئذٍ تكون النفس الصافية الذكية بأن تتعلق بهذا المأمور، كذلك ما نهى الله عز وجل يحتاج إلى علم لأن الشرك له حقيقة شرعية، له أنواع، له مسائل، له صور، له ذرائع، له وسائل، لا بد من الوقوف معها من أجل أن يتعلمها هو، ثُمَّ بعد ذلك دعوته للناس لا بد أن تكون مبنيّة على ما أراده الله عز وجل من الخلق، فحينئذٍ كل ما أمر الله عز وجل به هو دون ما كان من التوحيد، فتكون دعوة الناس وتعليم الناس للتوحيد أشد من دعوتهم إلى سائر الواجبات، لماذا؟ لأن هذا أعظم ما أمر الله تعالى به، حينئذٍ تستمسك به أنت ابتداءً في نفسك، وكذلك في تعليمك ودعوتك إلى الناس، حينئذٍ إذا جاءت الدعوة بخلاف ذلك تكون الدعوة مخالفة للنهج النبوي والنهج الرباني الذي أراده الله عز وجل من الخلق، وإذا اشتغل الناس الدعاة يتبين الواجبات لا أقول الأمور المستحبات دون أن يكون ثم تركيز على التوحيد وبيان التوحيد يكون هذا مخالفًا للنهج النبوي وللنهج الرباني الذي أراده الله عز وجل، هذه المعلومات يجب أن تكون مرسومة في حياة كل مسلم طالب العلم أو الداعية أو العالم بأنه إذا تعلم بأن أعظم ما أمر الله عز وجل به التوحيد، إذًا دعوتنا تكون مبنية على التوحيد، هو الأصل وهو الكمال، وهو الذي يجب أن يكون في كل مجلس وفي كل صحيفةٍ وفي كل مجلة وفي كل قناة، أن يكون الأصل هو بيان توحيد الله عز وجل، ثم الواجبات تكون تتبعًا لذلك، وأما الاشتغال بالعكس نقول: هذا يعتبر مخالفًا للنهج النبوي، فليس كل من دعا أو بين دعوته تكون مستقيمةً، لا، لا بد من ميزان شرعي، وذلك نقول: الدعوة عبادة.