فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 119 من 174

ومسألة الإيمان هذه وقع فيها نزاع عند أهل البدعة مع أهل السنة، ولا شك أن السلف مجمعون على المعنى الذي أراده الله تعالى الصحابة والتابعون وتابعوهم لا خلاف بينهم في حقيقة الإيمان، وإنما وقع الخلاف مع المخالف الذي خرج عن الهدي النبوي ولم يرجع إلى الشرع إنما رجع إما إلى العقل وإما إلى اللغة، ومن رجع إلى العقل فقط أو إلى اللغة فقط ولم يرجع إلى نصوص الشرع لا بد أن يضل في معرفة الحقائق الشرعية، فحينئذٍ نقول: مسألة الإيمان مسألة مهمة ينبغي العناية بها، وينبغي أن يُرد الكلام إلى أصوله بمعنى أن نرجع إلى أصول الكتاب والسنة ننظر في الآيات التي تعلقت بالإيمان، وننظر في الأحاديث التي تعلقت بالإيمان، ثم نأخذ تعريف الإيمان من هذه النصوص الشرعية وننظر إلى أقوال الصحابة ابتداءً ثم أقوال التابعين ثم أقوال تابع التابعين ومن عدا ذلك فالأصل أن الباب مغلق فلا اجتهاد في هذه المسألة البتة وإنما هي مسألة مجمعٌ عليها وهي مسألةٌ بينها الله عز وجل أتم بيان يعني: بعض الناس قد يقع عنده نوع إشكال في تعريف الإيمان نقول: سبق معنا بالأمس معرفة الآداب التي تتعلق بالاستجمار وقد بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - أتم بيان، وبين ما يتعلق بحقوق الناس من جهة السلام عليهم، ومن جهة الإحسان إلى العباد وكل فروع الدين التي هي دون مسألة الإيمان جاء البيان الشافي فيها على أتم وجه، ومن المحال عقلاً أن يأتي الشارع ببيان هذه الفروع، ثم يقف على مسألة من مسائل أصول الإيمان ويتركها هكذا للعباد كل يعرِّف بنفسه أو ما أراده دون رجوعٍ إلى الشرع، فمسألة الإيمان والكفر مسألة واضحة بينة لا لبس فيها في الشرع البتة، ومن قال: بأن ثم لبس في تعريف الإيمان أو في تعريف الكفر فحينئذٍ نقول: هذا معارض للأصل الذي قد أجمع عليه الصحابة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما مات إلا أو ما قبض إلا وقد بين لهم كل الأحكام المتعلقة حتى أحكام القراءة، وما من طيرٍ يطير بجناحيه في السماء إلا وقد ذكر لهم منه حكمًا يتعلق به، فمن المحال أن يترك الشارع مسألة الإيمان والكفر وهي مسألة يتعلق بها مصير في الدخول الخلود في الجنة أو النار ثم تترك للعباد هكذا كلاًّ يتكلم فيها بحسب رأيه أو يعتمد على أدلة ليس بأدلة في نفسها، وأنا أبين الآن بأن الإيمان مسألةٌ واضح بينة صريحة لا خلاف بين السلف في تعريف الإيمان ولا في معرفة أحكام الكفر، وإنما وقع النزاع والخلاف عند من لم يرجع إلى الأصول في الاستدلال بالأدلة من حيث موافقتها لما هو عنده أو مخالفتها.

الإيمان في الشرع له إطلاقان باستقراء نصوص له إطلاقان يعني: يستعمل تارة مفردًا وتارة مقرونًا بالإسلام، تارة يذكر معه لفظ الإسلام، وتارة يذكر وحده يعني: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] هنا ذكر الإيمان فقط، وقد يذكر كما في حديث جبرائيل الإسلام والإيمان معًا، ما الإيمان، ما الإسلام فسأل عن هذا وسأل عن ذاك وجعل هذا مقابل لذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام