(قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ} ) أي فرض عليكم الكتب هنا بمعنى الفرض {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} هنا تشبيه، هل هو تشبيه فرضٍ بفرض أو مفروض بمفروض؟ قولان، والصحيح أنه تشبيه فرضٍ بفرض فقط، وأما المفروض الذي هو الصيام هذا لا يُؤخذ من هذا الموضع {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ} ، {عَلَى} للوجوب {عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، {لَعَلَّكُمْ} هنا للتعليل، و {تَتَّقُونَ} يعني: تتقون بالصوم، لأنه موصل إلى التقوى لما فيه من كسر الشهوات وقهر النفوس، دل هذا النص على وجوب الصوم. (وَدَلِيلُ الْحَجِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيِتِ مَنِ اِسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97] ) ، {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} هذا من الأدلة التي استدل بها بعض الأصوليين على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لأن الناس لفظٌ عام لا يختص به المؤمنون، أما قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} هذا لفظ خاص بالمؤمنين، وأما {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} أي مؤمنهم وكافرهم فيدخل فيه الكافر، {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} فرضٌ واجب لأن على هنا للوجوب فهي ظاهرةٌ في الوجوب، {حِجُّ البَيِتِ} أي قصده لأداء النسك {مَنِ اِسْتَطَاعَ} أي المستطيع ففيه تخصيص بالبدل {مَنِ اِسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} أي طريقًا {وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} يعني ومن تركه فسماه الله عز وجل كافرًا، ونحن نسميه كما سماه الله عز وجل، لكن لا نقول كفر مخرج من الملة إلا إذا جحده أما إذا كان موقنًا بقلبه قابلاً له وتركه من حيث الفعل وهو قادرٌ على ذلك نقول نسميه كما سماه الله عز وجل أنه كافرٌ ونطلق ذلك ولا إشكال فيه. سمَّى تارك الحج كافرًا {فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} أي كثير الخير لا يحتاج إلى عبادة أحدٍ من الخلق سبحانه وتعالى. إذًا دلّ هذا النص على أن الحج يعتبر ركنًا من أركان الإسلام، وإن كانت هذه النصوص من حيث الركنية لو أتى بحديث ابن عمر لكن أوضح ( «بني الإسلام على خمسٍ» ) لأن الوجوب أخص من الركن، الركن واجبٌ وزيادة كما أن الشرط واجبٌ وزيادة، فعندنا واجبٌ، وعندنا شرطٌ، وعندنا ركنٌ، الخاتم المشترك ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا بين هذه الأصول، ثم الشرط هو واجبٌ وزيادة، والركن واجبٌ وزيادة.
ثم قال: (الْمَرْتَبَةُ الْثَّانِيَةُ) سيأتي الحديث فيها إن شاء الله تعالى في الدرس القادم.
والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أسئلة:
س: نحن طلاب في معهد إعداد الدعاة التابع لرابط .. [نعم] قال لنا: أستاذ العقيدة بأن الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟
ج: الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟ ما رأيكم [ها ها] ، الأشاعرة لا يمكن أن يكونوا في باب الأسماء والصفات من أهل السنة والجماعة لا في قليلٍ ولا في كثير، من جهتين: