الصفحة 34 من 39

ت أن هذا يستلزم إلغاء ما علق به النبي صلى الله عليه وسلم وجه الحجة، واعتبار ما ألغاه، فلا يلتفت إليه.

4.وقالت فرقة: إنما حجّه لأنه لامه في غير دار التكليف، ولو لامه في دار التكليف لكانت الحجة لموسى عليه، وهذا أيضا فاسد، لأمور:

أ أن آدم لم يقل له: لمتني في غير دار التكليف، وإنما قال: أتلومني على أمر قدّر علي قبل أن أخلق، فلم يتعرض للدار، وإنما احتج في القدر السابق.

ب أن الله سبحانه يلوم الملومين من عباده في غير دار التكليف، فيلومهم بعد الموت ويلومهم يوم القيامة.

5.وقالت طائفة أخرى: إنما حجه لأن آدم شهد الحكم وجريانه على الخليقة، وتفرّد الرب سبحانه بالربوبية. [1]

قالوا: ومشاهدة العبد الحكم لا يدع له استقباح سيئة، لأنه يشهد نفسه عدماً محضاً، والأحكام جارية عليه مصرفة له، وهو مقهور مربوب مدبر، لا حيلة له، ولا قوة له، قالوا: ومن شهد هذا المشهد سقط عنه اللوم!. [2]

6.أن موسى ـ عليه السلام ـ أعرف بالله وأسمائه وصفاته من أن يلوم على ذنب قد تاب منه فاعله فاجتباه ربه بعده وهداه واصطفاه، وآدم ـ عليه السلام ـ أعرف بربه من أن يحتج بقضائه وقدره على معصيته، بل إنما لام موسى آدمَ على المصيبة التي نالت الذرية بخروجهم من الجنة، ونزولهم إلى دار الابتلاء والمحنة، بسبب خطيئة أبيهم، فَذَكَرَ الخطيئة تنبيهاً على سبب المصيبة التي نالت الذرية، ولهذا قال له: أخرجتنا ونفسك من الجنة.

فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، وقال: إن هذه المصيبة التي نالت الذرية بسبب خطيئتي كانت مكتوبة بقدره قبل خلقي، والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الراجح والله أعلم.

(1) شفاء العليل: (1/ 84) .

(2) شفاء العليل: (1/ 85:84) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام