الصفحة 33 من 39

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟"

فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى، فحج آدم موسى.

وفي رواية:"كتب لك التوراة بيده"، وفي لفظ آخر:"تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال آدم: أنت موسى الذي أعطاه الله علم كل شيء واصطفاه على الناس برسالته؟ قال: نعم."

قال: أفتلومني على أمر قُدِّر علي قبل أن أخلق؟ [1] .

رد هذا الحديث المعتزلة، وقالوا: إن القدر إذا كان حجة للعاصي بطل الأمر والنهي.

وقولهم باطل؛ فإن هذا الحديث صحيح متفق على صحته.

ثانياً: ذكر الخلاف الوارد:

وقد اختلف الناس في فهم هذا الحديث، ووجه الحجة منه، على أقوال:

1.أن آدم حج موسى، لأن آدم أبوه، فحجه كما يحج الرجل ابنه.

وهذا الكلام لا محصل فيه البتة، ولو حج الرجل أباه بحق وجب المصير إلى الحجة.

2.أنه إنما حجه لأن الذنب كان في شريعة واللوم في شريعة.

وهذا من جنس ما قبله ـ أي في الضعف ـ.

3.وقالت فرقة أخرى إنما حجه لأنه كان قد تاب من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يجوز لومه.

وهذا وإن كان أقرب مما قبله؛ فلا يصح لثلاثة أوجه:

أ أن آدم لم يذكر ذلك الوجه، ولا جعله حجة على موسى.

ب أن موسى أعرف بالله سبحانه وبأمره ودينه من أن يلوم على ذنب قد أخبره سبحانه أنه قد تاب على فاعله واجتباه.

(1) رواه البخاري: (6614) ، ومسلم: (2652) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام