الْقَوْمِ، وَتَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ، فَرَفَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوْتَهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا: إِنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَلِكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ:"ذَلِكَ حِينَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِآدَمَ: قُمْ يَا آدَمُ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ: يَقُولُ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: ابْعَثْ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى النَّارِ، وَوَاحِدًا إِلَى الْجَنَّةِ"،فَأَبْلَسَ الْقَوْمُ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُبْدِي عَنْ وَاضِحَةٍ فَقَالَ: «اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا، فَمَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي ظَهْرِ الْبَعِيرِ أَوْ كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ» ،ثُمَّ قَالَ: «اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعَ خَلِيقَتَيْنِ لَمْ يَكُونُوا فِي شَيْءٍ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ، يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ مَعَ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ إِبْلِيسَ» [1]
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:1] عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،وَهُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى ثَابَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِآدَمَ: يَا آدَمُ، قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ» ،فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: «سَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ، أَوْ كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ، وَإِنَّ مَعَكُمْ لَخَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمَنْ هَلَكَ مِنْ كَفَرَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ» [2]
قال ابن كثير عند قوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف:31]
"وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْجِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا جَزَاءُ صَالِحِيهِمْ أَنْ يُجَارُوا مِنْ عَذَابِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَلِهَذَا قَالُوا هَذَا فِي"
(1) - المعجم الكبير للطبراني (18/ 155) (340) صحيح
(2) - صحيح ابن حبان - مخرجا (16/ 352) (7354) صحيح
ثاب: اجتمع وجاء = سددوا: الزموا السداد وهو الصواب بلا إفراط وبلا تفريط = قارب: اقتصد وحاول الوصول إلى الكمال = الشامة والشأمة: العلامة في الجسد وتعرف بالخال ومنه: جميل الخال والقوام =البعير: ما صلح للركوب والحمل من الإبل، وذلك إذا استكمل أربع سنوات، ويقال للجمل والناقة = الرقمة: الهَنَة الناتِئة في ذِراع الدابة من داخِل، وهما رَقْمتان في ذراعَيها