فهرس الكتاب
الصفحة 100 من 581

وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ؟ قَالَ يَا سَيّدِي مَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا، لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِأَمْرِ مَا يَعْلَمُهُ إلّا نَبِيّ، قَالَا لَهُ وَيْحَك يَا عَدّاسُ لَا، يَصْرِفَنّك عَنْ دِينِك، فَإِنّ دِينَك خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ.

قَالَ ثُمّ إنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنْ الطّائِفِ رَاجِعًا إلَى مَكّةَ، يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، حَتّى إذَا كَانَ بِنَخْلَةَ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ يُصَلّي، فَمَرّ بِهِ النّفَرُ مِنْ الْجِنّ الّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُمْ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ جِنّ أَهْلِ نَصِيبِينَ فَاسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلّوْا. إلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا إلَى مَا سَمِعُوا. فَقَصّ اللّهُ خَبَرَهُمْ عَلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيّ أَنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ} إلَى آخِرِ الْقِصّةِ مِنْ خَبَرِهِمْ فِي هَذِهِ السّورَةِ" [1] .."

ويعقب ابن كثير في التفسير على رواية ابن إسحاق بقوله: «وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ:"إِنَّ الْجِنَّ كَانَ اسْتِمَاعُهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ".فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَّ كَانَ اسْتِمَاعُهُمْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِيحَاءِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ، وَخُرُوجُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلَى الطَّائِفِ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ عَمِّهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ، كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصِتُوا. قَالَ صَهٍ، وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} إلى: {ضَلالٍ مُبِينٍ} [2] .

فَهَذَا مَعَ الْأَوَّلِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقْتَضِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَشْعُرْ بِحُضُورِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَمَعُوا قِرَاءَتَهُ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَفَدُوا إِلَيْهِ أَرْسَالًا قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ، وَفَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، كَمَا سَيَأْتِي بِذَلِكَ الْأَخْبَارُ فِي مَوْضِعِهَا وَالْآثَارُ، مِمَّا سَنُورِدُهَا هَاهُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ ..

(1) - سيرة ابن هشام [1/ 419] صحيح مرسل

(2) - المستدرك على الصحيحين -دار المعرفة بيروت (2/ 456) (3701)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام