فهرس الكتاب
الصفحة 358 من 854

النصوص البشرية الصادرة عن أيد مغرضة، تبغى الحياة الدنيا بالآخرة، فكان هذا الإجمال حتى لا يداخل المعتقد ما ليس بحق.

قال تعالى في بيان ما أصيبت به الكتب السابقة من تحريف: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41] .

أما الإيمان المفصل؛ فهو الذي يتعلق بالقرآن الكريم لفظًا ومعنى، فقد تعبدنا المولى تبارك وتعالى بالإيمان بكل حرف في هذا القرآن، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .

فالحديث عن القرآن، حديث عظيم يتصل بالحديث عن عظمة المولى تبارك وتعالى، إذ حقيقة الإيمان به نابعة من التصديق بصفة من صفاته عز وجل؛ وهي صفة الكلام، مع تكفل المولى بحفظه من مشوبات التغيير والتحريف كما دلت على ذلك الآية الكريمة.

ولكل هذا فإنه مما علم من الدين بالضرورة أن من أنكر حرفًا من القرآن العظيم فقد كفر.

وليس يقف الأمر عند التصديق بألفاظه ومبانيه؛ بل لا بد من إتمام مقتضيات الإيمان به على جهة التفصيل، فيتحتم التسليم لكل ما أتى به من الأخبار والأحكام، وفقًا لما فهمه الصحابة الكرام، إذ الأخذ عنهم لا يتوقف على اللفظ فقط، وإنما ينسحب حكمه أيضًا على كل ما يتعلق به من الفهم والاستنباط حتى تبقى حقيقة الحفظ التي أخبر عنها المولى تبارك وتعالى حية يعمل بها كل مؤمن يعلم صدق ما أخبر به عز وجل.

وعلى هذه الحقائق الإيمانية المتعلقة بالكتاب العظيم دلت السنة المطهرة مؤكدة مفسرة مبينة، مفصلة ما أجمل، مصدقة بما أخبر، تقضي بوجوب العمل به والإنكار على من تأوله بالباطل قولًا أو عملًا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام