ومعلوم: أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام أو الفعل، وأما عقيدة القلب فلا يكره عليه أحد.
والثانية: قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ} .
فصرح أن هذا الكفر والعذاب، لم يكن بسبب الاعتقاد، أو الجهل، أو البغض للدين، أو محبة الكفر، وإنما سببه: أن له في ذلك حظًا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين» [1] .
وقال الإمام الطبري مبينًا أن إيثار الحياة الدنيا هو الذي أحل بالمرتدين عن الإيمان سخط الله وأليم عقابه:
قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .
«يقول -تعالى ذكره-: حل بهؤلاء المشركين غضب الله، ووجب لهم العذاب العظيم من أجل أنهم اختاروا زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة، ولأن الله لا يوفق القوم الذين يجحدون آياته، مع إصرارهم على جحودها» [2] .
وضرب إمام الدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب مثلاًَ رائعًا يبين به كفر من قال الكفر لأجل الدنيا، ولو لم يعتقد حقيقته في الباطن، ولم يتغير اعتقاده
(1) كشف الشبهات /41.
(2) تفسير الطبري (7/ 652) .