في قبضة ملائكة القوي العزيز، وأن أمامه عذاب في القبر، وعذاب في النار إن مات على نفاقه، وغير مفكر في مصير من سبقه من المنافقين قبل عشرات أو مئات السنين، كابن أبي سلول، وكعموم الباطنية، وغيرهم من الزنادقة ممن مات منهم على الزندقة [1] ، وما هم فيه الآن من العذاب الأليم الذي لا يتحمله البشر في قبورهم، وما سيلاقونه من العذاب في قعر جهنم خالدين فيها. نسأل الله السلامة والعافية.
4 -التذبذب والمراوغة والتلوُّن، فهم كالحِرْباء التي يتغير لونها بحسب حرارة الشمس، فأول النهار لها لون، ووسط النهار لها لون، وآخره لها لون [2] ، وكالشاة العائرة بين الغنمين [3] ، فهي
(1) من صدر منه فعل من أفعال المنافقين الكفرية أو أقوالهم الكفرية، كأن يسب الله تعالى أو يقدح في دينه حكم عليه بالنفاق والردة إذا توفرت شروط هذا الحكم وانتفت موانعه، وإذا حكم عليه بالنفاق فأظهر التوبة بعد القدرة عليه لم يصدق، لأن إظهاره للتوبة ليس فيه أكثر مما كان يظهره قبل ذلك، وهذا القدر قد بطلت دلالته بما أظهره من الزندقة، إلا إن ظهر منه من الأقوال والأفعال ما يدل على حسن الإسلام، وكان ذلك قبل رفع أمره إلى السلطان وتكرر منه ما يدل على التوبة النصوح فتقبل توبته، ولا يقتل. ينظر في هذه المسألة: الموطأ مع شرحه المنتقى: الأقضية 5/ 281، 282، الأم: المرتد 1/ 259، 260، الخراج لأبي يوسف ص179، التمهيد 10/ 149 - 173، إعلام الموقعين 3/ 128 - 133. وتنظر المراجع المذكور في حكم الكفر الأكبر. وقد وقع في حوادث إطلاق بعض الصحابة النفاق على بعض من وقع منهم بعض المخالفة كما في قصة عمر مع حاطب، وكما في قصة معاذ مع الأنصاري، وكما في قصة أُسيد مع سعد بن
(2) عبادة، ولم ينكر عليهم النبي ×. قال الشيخ سليمان بن عبدالله كما في مجموعة التوحيد 1/ 68: «إذا فعل علامات النفاق جاز تسميته منافقاً لمن أراد أن يسميه بذلك، وإن لم يكن منافقاً في نفس الأمر، لأن بعض هذه الأمور قد يفعلها الإنسان مخطئاً لا علم عنده، أو لمقصد يخرج به عن كونه منافقاً، فمن أطلق عليه النفاق لم ينكر عليه، كما لم ينكر النبي × على أُسيد بن حضير تسميته سعداً منافقاً، مع أنه ليس بمنافق، ومن سكت لم ينكر عليه، بخلاف المذبذب الذي ليس مع المسلمين ولا مع المشركين، فإنه لا يكون إلا منافقاً» . وينظر كذلك صحيح البخاري مع شرحه لابن بطّال 9/ 291، وشرحه للعيني 22/ 160، ومجموع الفتاوى 7/ 607، و18/ 472، 473، والفتح باب وجوب صلاة الجماعة 2/ 127، وباب إذا طول الإمام 2/ 197، وإيثار الحق ص389، ومجموعة التوحيد 1/ 67 - 69.
قال في لسان العرب (مادة: حرب) : «الحرباء: ذكر أم حبين، يستقبل الشمس برأسه، ويكون معها كيف دارات، ويتلون ألواناً بحر الشمس، والجمع: الحرابي، والأنثى الحرباءة، قال الأزهري: الحرباء: دويبة على شكل سام أبرص، ذات قوائم أربع، دقيقة الرأس، مخططة الظهر، تستقبل الشمس، وهي قذرة لا تأكلها العرب بتة» اهـ. ملخصاً.
(3) كما ثبت ذلك في الحديث في صحيح مسلم (2784) ، قال النووي في شرح مسلم 17/ 128: «العائرة: المترددة الحائرة، لا تدري لأيهما تتبع» .