الصفحة 36 من 151

وحكم الكفر الأكبر هو حكم الشرك الأكبر، كما سبق بيانه [1] .

وإذا وقع المسلم في الكفر أو الشرك وحكم بكفره فهو «مرتد» له أحكام المرتدين، ومنها أنه يجب قتله إن لم يتب ويرجع إلى الإسلام [2] لقوله ×: «من بدّل دينه فاقتلوه» رواه البخاري [3] ،

(1) والإجماع تدل على الكفر بمجرد النطق بأمر مكفر، وبمجرد فعل مكفر، وسيأتي بعض هذه الأدلة عند ذكر الأدلة على أنواع الكفر.

وهذا كله يدل على أن من قال: إن الكفر إنما يكون بالاعتقاد، وأن القول أو الفعل الذي دلت النصوص على أنه كفر ليس كفراً، وإنما هو دليل على أن في القلب كفراً، قد أخطأ خطأً كبيراً، ورد دلالة النصوص الشرعية، وخالف ما أجمع عليه أهل السنة والجماعة من سلف من هذه الأمة ومن سار على طريقهم.

وقال الإمام النووي في الروضة 10/ 64: «قال الإمام ـ أي إمام الحرمين ـ: في بعض التعاليق عن شيخي: أن الفعل بمجرده لا يكون كفراً. قال: وهذا زلل عظيم من المعلق، ذكرته للتنبيه على غلطه» ، وقد نقل هذا التعليق أيضاً عن إمام الحرمين ابن حجر المكي في قواطع الإسلام ص23 وأيد تخطئته له.

وينظر في الرد على هذا القول أيضاً وفي بيان دلالة النصوص على عدم صحته مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 7/ 547، 561، الإيمان لشيخ الإسلام ص484، النونية لابن القيم مع شرحها لابن عيسى 2/ 118،117، شرح كشف الشبهات للشيخ محمد بن إبراهيم ص126 - 134، فتاوى اللجنة الدائمة 2/ 3. ولذلك كله فإنه يجب على المسلم الذي يطلب الحق أن ينقاد لما دلت عليه النصوص ولما أجمع عليه أهل السنة والجماعة، وكون بعض أهل العلم أخطأ في ذلك فهو يرجى له أجر واحد، لإرادته الحق، ولكن لا يجوز لنا أن نقلده في خطئه. والله أعلم.

ينظر ما سبق في المبحث الأول من الفصل السابق.

(2) هذا إذا كان القتل يسقط بالتوبة، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن بعض أنواع الكفر يجب قتل من وقع فيها ولو أظهر توبته، بل يرى بعضهم أن المرتد

(3) لا يستتاب ولا تسقط توبتُه من الردة القتلَ في جميع المسائل، وذهب آخرون إلى أن التوبة تقبل في جميع المسائل. ينظر الأوسط لابن المنذر: كتاب المرتد (رسالة ماجستير مطبوعة على الآلة ص648 - 657) ، المحلى 11/ 188 - 194، الصارم المسلول ص531،460، 361، 337، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 27/ 114 - 121، روضة الطالبين 10/ 76،75، فتح الباري: استتابة المرتدين 12/ 269، كشاف القناع 6/ 175 - 178، فتاوى شيخنا ابن باز (جمع د. الطيار ص526) .

رواه البخاري في استتابة المرتدين (6922) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام