الصفحة 30 من 151

والسنة، وخلاف ما دل عليه الإجماع القطعي من المسلمين من تحريم الحكم بغير ما أنزل الله [1] .

3 -أن يضع تشريعاً أو قانوناً مخالفاً لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله × ويحكم به [2] ، معتقداً جواز الحكم بهذا القانون، أو معتقداً أن هذا القانون خير من حكم الله أو مثله [3] ، فهذا شرك مخرج من

(1) ينظر تفسير الآيات (60 - 65) من سورة النساء, وتفسير الآيات (44 - 50) من سورة المائدة، وتفسير الآيتين (31، 37) من سورة التوبة في تفاسير ابن جرير والقرطبي وابن كثير والشوكاني وابن سعدي والشنقيطي، التمهيد 4/ 226، مجموع الفتاوى 1/ 97، 98، و3/ 267، و7/ 67 - 72، و35/ 373، وشرح الطحاوية ص 446، والدين الخالص 2/ 66، 67، وتيسير العزيز الحميد، وفتح المجيد، والقول المفيد باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم، والباب بعده، ورسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة السابق المطبوعة ضمن فتاويه 12/ 284 - 291، ورسالة فتنة التكفير للألباني، وتقديم شيخنا عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - لها، وتعليق شيخنا محمد ابن عثيمين عليها، ورسالة تحذير أهل الإيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن (مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 1/ 136 - 173) ، ورسالة النواقض

(2) القولية والعملية ص312 - 343، ورسالة النواقض الاعتقادية الفصل الأخير 2/ 222 - 232، ورسالة الحكم بغير ما أنزل الله للدكتور عبدالرحمن المحمود، ورسالة الغلو ص 289 - 300.

أما لو حكم بغير الشرع في قضية واحدة وشبهها لشهوة أو رشوة أو نحوهما، فهذا من الشرك الأصغر. تنظر أكثر المراجع السابقة.

(3) وهذا هو ظاهر حال أغلب الذين يضعون هذه القوانين ويحكمون بها، ومثلهم الذين يحكمون بعادات (سلوم) قبائلهم. ينظر تعليق الشيخ ابن عثيمين على رسالة فتنة التكفير ص35. أما من وضع هذا القانون مكرها أو تحت ضغط من غيره، مع اعتقاده حرمة الحكم به وأن حكم الله تعالى أفضل منه، فقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يكفر، قال الشيخ ابن عثيمين في الموضع السابق عند كلامه على هذه المسألة: «قد يكون الذي يحمله على ذلك ـ أي على وضع قانون والحكم به ـ خوفاً من أناس آخرين أقوى منه إذا لم يطبقه، فيكون مداهناً لهم، فحينئذ نقول: إن هذا كالمداهن في بقية المعاصي» ، ولبعض العلماء خلاف في هذه المسألة، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن مجرد تحكيم قانون أو نظام عام مخالف لشرع الله تعالى كفرٌ مخرجٌ من الملة ولو لم يصحبه اعتقاد أن هذا القانون أفضل من شرع الله أو مثله أو يجوز الحكم به، وقد استدل أصحاب هذا القول بعموم آية المائدة الآتية، رقم (44) ينظر في هذا القول أكثر المراجع السابقة، وقد استدل أصحاب القول الأول بما روى ابن جرير في تفسير هذه الآية، ومحمد بن نصر (571) ، وابن بطة (1005) بإسناد صحيح، رجاله رجال الصحيحين عن ابن عباس في قوله تعالى: + ..."قال: «هي به كفر، وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله» ،"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وروى سعيد بن منصور في سننه (749) ، وابن جرير، وابن أبي حاتم في تفسير الآية (44) من المائدة، والحاكم 2/ 313 وغيرهم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال في قوله عز وجل: + ...": ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة. وسنده حسن، رجاله رجال الصحيحين. ويؤيد هذه الرواية المفصلة الرواية الثالثة عن ابن عباس عند ابن أبي حاتم (6426) ، أما رواية عبدالرزاق في تفسيره عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس بلفظ: هي كفر. قال ابن طاووس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. فإنها تؤيد الروايات السابقة، بدليل فهم راويها ابن طاووس كما سبق، وقد أخرجها ابن جرير وابن نصر (570) وغيرهما من طريق عبدالرزاق بلفظ: «هي به كفر» ، فهي مختصرة من الرواية الأولى، وعلى فرض أنها تعارضها فإن الرواية الأولى أقوى إسناداً فتقدم عليها. فقد ذكر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وهو ترجمان القرآن ومن أئمة العربية ـ بأن الكفر المذكور في الآية المراد به الكفر الأصغر، مع أن كلا من «من» و «ما» في الآية من صيغ العموم، فتشمل «من» كل حاكم بغير الشرع، وتشمل «ما» كل نظام أو قانون يحكم به، وقد رجَّح شيخاي الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين ـ رحمها الله ـ القولَ الأول، وهو أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يكون كفراً مخرجاً من الملة مطلقاً حتى يصحبه اعتقاد جواز الحكم به، أو أنه أفضل من حكم الله أو مثله، أو أي مكفِّر آخر. وقد أطال الحافظ ابن القيم في كتاب الصلاة: فصل كفر الاعتقاد وكفر العمل، ص55 - 59 في التفريق بين كفر الاعتقاد وبين كفر العمل، وذكر أن الحكم بغير ما أنزل الله من كفر العمل، ونقل عن السلف نصوصاً صريحة في ذلك، وذكر أن هذا الكفر لا يخرج من الملة، ثم قال: «وهذا التفصيل هو قول"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام