" [الأنعام 162،163] [1] ، وقال تعالى: + ..." [الكوثر2] ، وعن علي بن أبي طالب ر قال: قال النبي ×: «لعن الله من ذبح لغير الله» . رواه مسلم [2] .
ز - الشرك في النذر والزكاة والصدقة:
النذر هو: إلزام مكلف مختار نفسه عبادة لله تعالى غير واجبة عليه بأصل الشرع [3] .
كأن يقول: لله علي نذر أن أفعل كذا، أو لله علي أن أصلي أو أصوم كذا، أو أتصدق بكذا، أو ما أشبه ذلك.
والنذر عبادة من العبادات، لا يجوز أن يصرف لغير الله تعالى، فمن نذر لمخلوق كأن يقول: لفلان علي نذر أن أصوم يوماً، أو لقبر فلان علي أن أتصدق بكذا، أو إن شفي مريضي أو جاء غائبي للشيخ فلان علي أن أتصدق بكذا، أو لقبره علي أن أتصدق بكذا، فقد أجمع أهل العلم على أن نذره محرم وباطل [4] ، وعلى أن من فعل ذلك قد أشرك بالله تعالى الشرك الأكبر المخرج من الملة [5] ، لأنه صرف عبادة النذر لغير الله، ولأنه يعتقد أن الميت ينفع ويضر من دون الله، وهذا كله شرك [6] .
ومثله إخراج زكاة المال وتقديم الهدايا والصدقات إلى قبر ميت تقرباً إليه، أو تقديمها إلى سدنة القبر [7] تقرباً إلى الميت، أو تقديمها إلى الفقراء الذين يذهبون إلى القبر، وكان يفعل ذلك تقرباً إلى الميت، فهذا كله من الشرك الأكبر أيضاً، لما فيه من عبادة
(1) النسك هو الذبح. وقوله +ومحياي ومماتي"أي إن جميع أعمالي لله تعالى، وهو المتصرف فيَّ في حياتي وبعد مماتي. ينظر تفسير البغوي وتفسير ابن كثير وتفسير الشوكاني وتفسير السعدي لهذه الآية، وسيف الله لصنع الله الحنفي ص69، وتيسير العزيز الحميد وفتح المجيد والقول المفيد باب ما جاء في الذبح لغير الله."
(2) صحيح مسلم كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله (1978) .
(3) التوضيح عن توحيد الخلاق ص280، وينظر المقنع والشرح الكبير والإنصاف باب النذر 28/ 128. قال في الشرح الكبير: «فيقول: لله عليَّ أن أفعل كذا، وإن قال: علي نذر كذا. لزمه أيضاً، لأنه صرح بلفظ النذر» . وقال في التعريفات ص308 في تعريفه: «إيجاب عين الفعل المباح على نفسه تعظيماً لله تعالى» . وقال في كشاف القناع 6/ 273: «لا تعتبر له صيغة بحيث لا ينعقد إلا بها، بل ينعقد بكل ما أدى معناه، كالبيع» .
(4) مجموع الفتاوى 1/ 286، و31/ 11، 27، و35/ 354، منهاج السنة 2/ 440، كشاف القناع 6/ 276. وينظر الدر المختار للحصكفي الحنفي مع حاشيته لابن عابدين آخر كتاب الصيام 2/ 128، والبحر الرائق لابن نجيم الحنفي 2/ 320 نقلاً عن الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي، ونقل حكاية هذا الإجماع أيضا جمع من علماء الحنفية، وكذلك نقل جماعة من الحنفية الإجماع على أنه لا يجوز الوفاء به. ينظر رسالة (جهود علماء الحنفية) ص1550 - 1552.
(5) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عند ذكره لنذر الدهن للقبور لتنوَّر به: «وهذا النذر معصية باتفاق المسلمين، لا يجوز الوفاء به، وكذلك إذا نذر مالا للسدنة أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة، فإن فيهم شبهاً من السدنة التي كانت عند اللات والعزى ومناة، يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله. والمجاورون هناك فيهم شبه من الذين قال فيهم الخليل عليه السلام: + ...". والذين اجتاز بهم موسى وقومه، قال تعالى: + ..."فالنذر لأولئك السدنة والمجاورين في هذه البقاع نذر معصية، وفيه شبه من النذر لسدنة الصلبان والمجاورين عندها أو لسدنة الأبداد -وهي الأصنام- التي في الهند والمجاورين عندها» . ينظر فتح المجيد ص288،289. وينظر مجموع الفتاوى 11/ 504، الدين الخالص 1/ 183، الدرر السنية 1/ 298 - 302.
ينظر مجموع الفتاوى 1/ 286، التوضيح عن توحيد الخلاق ص 282، الدين الخالص 1/ 183، و2/ 60، سيف الله لصنع الله الحنفي ص69، السنن والمبتدعات للشقيري المصري ص74 - 76.
(6) حاشية ابن عابدين آخر كتاب الصيام 2/ 128.
(7) من المعلوم أن وضع سدنة للقبر يأخذون الهدايا والصدقات من البدع المحرمة، ومن الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الجهلة في الشرك الأكبر، وينظر كلام شيخ الإسلام الذي سبق نقله قريباً.