الصفحة 104 من 151

على المؤمنين» [1] .

ثم إن الخوارج ومَنْ سار على طريقتهم حكموا ـ بسبب هذا الفهم الخاطئ ـ بالكفر على أكثر مخالفيهم، ورتّبوا على تكفيرهم لهم استحلال دمائهم وأموالهم.

قال التابعي الجليل أبو قلابة الجرمي ـ رحمه الله ـ: «ما ابتدع رجلٌ بدعةً إلا استحل السيف» [2] .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «الخوارج هم أول من كفَّر المسلمين، يكفّرون بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمَه ومالَه» [3] .

وقال الحافظ ابن عبدالبر ـ رحمه الله ـ عن الخوارج الحرورية: «هم قومٌ استحلُّوا بما تأوّلوا من كتاب الله عز وجل دماءَ المسلمين، وكفّروهم بالذنوب، وحملوا عليهم السيف، وخالفوا جماعتهم ... » [4] .

ولهذا فقد خرج الخوارج على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ر وقتلوا من قتلوا من المسلمين، ثم قتلوه ر، ثم توالى خروجهم في عهد الدولتين الأموية والعباسية، فأخافوا السبل، بل أخافوا المسلمين في بلادهم، وحصل بسبب خروجهم فتنٌ عظام، وفظائع جسام، وخراب في البلاد، وقتل بسبب ذلك مئات الآلاف من المسلمين، بل إنه لم يسلم من سيوف الخوارج حتى الأطفال، فقد كانت بعض فرق الخوارج ترى قتل أطفال مخالفيهم ونسائهم؛

(1) رواه البخاري تعليقاً في استتابة المرتدين باب قتل الخوارج والملحدين، ووصله الطبري في تهذيب الآثار كما في تغليق التعليق 5/ 259، وابن عبدالبر في التمهيد 23/ 334، 335 بإسناد صحيح، رجاله رجال الصحيحين، وصححه الحافظ في التغليق، وفي الفتح 12/ 286.

(2) رواه الدارمي في مقدمة سننه، باب اتباع السنة (99) .

(3) مجموع الفتاوى 3/ 279، وينظر أيضاً: الاستغاثة في الرد على البكري 2/ 377.

(4) الاستذكار: كتاب القرآن، باب ما جاء في القرآن 2/ 499.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام