لا كما يقول البعض ممن شطح به الجهل، والتعنت أنه ليس شرطاً في الإيمان.
وإليك الدليل:
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَاوِيلاً} [النساء: 59] .
فلقد عدّ الشارع هذا التحكيم إيماناً، كما قال تعالى: {فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 65] .
يقول ابن حزم: (فسمى الله تعالى تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم إيماناً، وأخبر الله تعالى أنه لا إيمان إلا ذلك، مع أنه لا يوجد في الصدر حرج مما قضى، فصح يقيناً أن الإيمان عمل وعقد وقول؛ لأن التحكيم عمل، ولا يكون إلا مع القول، ومع عدم الحرج في الصدر وهو عقد) [الدرة: ص 238] .
ويقول ابن تيمية: (لذلك أوجبت الشريعة التحاكم إلى الشرع وجعلته شرط الإيمان، قال تعالى: {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِْ، وقال سبحانه: ومَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] ) [الفرقان ص 65] .
وقال رحمه الله: (فالشرع المنزل من عند الله تعالى وهو الكتاب والسنة الذي بعث الله به رسوله، ليس لأحد من الخلق الخروج عنه، ولا يخرج عنه إلا كافر) [الفتاوى: ج 11 ص 262] .
ويقول ابن تيمية: (فكل من خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته، فقد أقسم الله بنفسه المقدسة، أنه لا يؤمن حتى يرضى بحكم رسول الله في جميع ما شجر بينهم من أمور الدين أو الدنيا، وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه) [الفتاوى 28/ 471] .
ويقول ابن القيم: (إن قوله تعالى: {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ .. } نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين - دِقِّه وجُلِّه، جليه وخفيه - ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله وبيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافياً لم يأمر بالرد إليه، إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع. ومنها أن جعل هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه، فإذا انتفى هذا الرد انتفى الإيمان، ضرورة انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه، ولا سميا التلازم بين هذين الأمرين فإنه من الطرفين، وكل منهما ينتفي بانتفاء الآخر، ثم أخبرهم أن هذا الرد خير لهم، وأن عاقبته أحسن عاقبة) [أعلام الموقعين 1/ 49 - 50] .
ويقول ابن كثير: (فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله، وشهد له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال تعالى: إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّه