صحيح البخاري عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه) .
عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ما السحت؟ قال: (الرشوة) ، قالوا: في الحكم؟! قال: (ذاك الكفر) ، ثم تلا هذه الآية: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، وهو عند الطبري وأبي يعلى وغيرهما ولا خلاف في صحته عنه رضي الله عنه.
عن ابن طاوس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون} ؟ قال: (هي كفر) ، وفي لفظ: (هي به كفر) ، وآخر: (كفى به كُفْره) ، رواه عبدالرزاق في تفسيره [1/ 191] ، وابن جرير [6/ 256] ، ووكيع في أخبار القضاة [1/ 41] وغيرهم بسند صحيح.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى ناقلاً عن إسحاق ابن راهويه: (قد أجمع العلماء أن من دفع شيئاً أنزله الله أو قتل نبي وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله؛ أنه كافر) .
وللعلم أن إسحاق هو الذي نقل الإجماع على كفر تارك الصلاة فكيف يقبل منه في الصلاة ولم يقبل منه في الحكم؟! وتأمل أخي كلمة"وهو مقر" [التمهيد 4/ 226] .
مصنف ابن أبي شيبة [ج 4/ص 443] : حدثنا أبو بكر قال حدثنا خلف بن خليفة عن منصور عن الحكم عن أبي وائل عن مسروق، قال: (القاضي إذا أخذ هدية فقد اكل السحت، وإذا أخذ الرشوة بلغت به الكفر) .
نا عبد الرزاق نا الثوري عن زكريا عن الشعبي، قال: (الأولى للمسلمين، والثانية لليهود، والثالثة للنصارى) - أي الكفر -
تفسير الطبري [ج6/ص257] : حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} ، يقول: (ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا وجار وهو يعلم فهو من الكافرين) .
قلت: وإن كان أسباط كثير الخطأ إلا أنه صدوقاً، وقد وافق ابن مسعود ومسروق وإجماع ابن راهويه.
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى: (من حكم بحكم الإنجيل مما لم يأت بالنص عليه وحي في شريعة الإسلام فإنه كافر مشرك خارج عن ملة الإسلام) [الاحكام في أصول الأحكام 5/ 153] .
وقال ابن تيمية: (والحكم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو عدل خاص وهو أكمل أنواع العدل وأحسنها، والحكم به واجب على النبي صلى الله عليه وسلم وكل من اتبعه، ومن لم