تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِياً) [أضواء البيان 4/ 83 و 3/ 44] .
ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم أن تحكيم شرع الله تعالى وحده هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله بقوله: (وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتبّع المحكّم ما جاء به فقط، ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك والقيام به فعلاً وتركاً وتحكيماً عند النزاع) [فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 12/ 251، رسالة تحكيم القوانين] .
كذلك عُلم من كتاب الله أن الحكم من توحيد الربوبية - التوحيد العلمي الخبري -
الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية:
لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أرباباً لمتبعيهم، فقال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ورُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إلَهاً واحِداً لاَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] .
يقول ابن حزم - عن قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ... الآية} : (لما كان اليهود والنصارى يحرمون ما حرم أحبارهم ورهبانهم، ويحلون ما أحلوا، كانت هذه ربوبية صحيحة، وعبادة صحيحة، قد دانوا بها، وسمى الله تعالى هذا العمل اتخاذ أرباب من دون الله وعبادة، وهذا هو الشرك بلا خلاف) [فصل 3/ 266] .
ويقول ابن تيمية - في هذا الشأن: (قد قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ورُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إلَهاً واحِداً لاَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، وفي حديث عدي بن حاتم - وهو حديث حسن طويل رواه أحمد والترمذي وغيرهما وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني، فسمعه يقرأ هذه الآية، قال: فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم، وكذلك قال أبو البختري: أما إنهم لم يصلوا لهم، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم، ولكن أمروهم فجعلوا حلال الأمة حرامه، وحرامه حلاله، فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية ... فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، لا أنهم صلوا لهم، وصاموا لهم، ودعوهم من دون الله، فهذه عبادة الرجال، وقد ذكر الله أن ذلك شرك بقوله: {لاَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ) [الفتاوى 7/ 670] .
ويقول العز بن عبد السلام: (وتفرد الإله بالطاعة لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الديني والدنيوي، فما من خير إلا هو جالبه، وما من ضير إلا هو سالبه .. وكذلك لا حكم إلاّ له) [قواعد الأحكام 2/ 134 - 135] .