الصفحة 14 من 25

فهل هذه القاعدة هي صواب أم خطأ؟ إذا كان معناها أن كل مجتهد مصيب بأنه هدي إلى الحق فهذا خطأ؛ لأن المجتهد يجتهد فيخطئ ويصيب، فليس كل من اجتهد هُدي إلى الحق في نفسه، وإذا كان معناها كل مجتهدٍ مصيب بما معنى أنه اتقى الله واجتهد وإن أخطأ فهو مأجور على اجتهاده فهذا معناه صحيح، وهذا معنى كلام ابن تيمية هنا.

وقال:"وهو مصيب بمعنى أنه مطيع لله، لكن قد يعلم الحق في نفس الأمر وقد لا يعلمه -قد يهتدي للحق وقد يخطئ ولكنه مأجور- خلافًا للقدرية والمعتزلة في قولهم: كل من استفرغ وسعه علم الحق -وهذا من الضلال من يقول أي واحد اجتهد غاية ما يستطيع فما وصل إليه من معلومة قال تلك المعلومة هي الحق! يعني أي إنسان يجتهد يعني لا بُدّ أن يصل إلى الحق، لا! بل قد يصل إلى الخطأ، مثل الحاكم والمفتي وغيره، يجتهد ويفتي فتوى خطأ، ويجتهد ويحكم حُكم خطأ، ولكنه مأجور وإن كان الحكم في الأخير خطأ- فإن هذا باطل كما تقدم، بل كل من استفرغ وسعه استحق الثواب". [1]

يعني أنه مأجور، إما أجر واحد وإما أجران.

وهناك نقل آخر وقول ممتاز جدًا في (منهاج السنة) أيضًا في المجلد الخامس، وتكلم بكلام رائع جدًا قال:"الخوارج تكفر أهل الجماعة وكذلك أكثر المعتزلة يكفرون من خالفهم -إذا الواحد نظر في التاريخ الإسلامي مثلًا في تاريخ ابن كثير (البداية والنهاية) أو في (تاريخ الإسلام) للذهبي، أو (سير أعلام النبلاء) ، تجد بحكم التكفير أُريقت كثير من دماء المسلمين من أهل السنة، فقالوا هؤلاء مشبهة وهؤلاء مجسمة، ثم قتلوهم، وكثير من الدماء سُفكت بالتكفير، وهذه عادة أهل البدع كالمعتزلة والخوارج وغيرهم أنهم يكفرون ويستبيحون الدماء بناءً على ذلك- وكذلك أكثر الرافضة، ومن لم يُكفِّر فَسَّق، وكذلك أهل الأهواء يبتدعون رأيًا ويكفرون من خالفهم فيه -يبتدع بدعة ومن خالفه عليها، قال: هذا مرتد! - وأهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يكفرون من خالفهم فيه بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق، كما وصف الله به المسلمين بقوله: كنتم خير أمة"

(1) المرجع السابق.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام