السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أما بعد:-
كان الحديث في اللقاء السابق عن الولاء للمؤمنين، ثم كان الحديث عن الإنصاف وذكرتُ من قواعد الإنصاف قاعدتين
-الأمر الأول: عدم القول على الله بغير حق.
-والأمر الثاني: هو أن اليقين لا يزول بالشك.
اليوم الحديث عن قاعدة أخرى من قواعد الإنصاف، إنصاف أهل القبلة والمسلمين وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما أنه لا بُدّ من ولاء للمسلمين جميعًا، كذلك لا بُدّ لنا أن نُنصِف المسلمين، العدل، العدل معهم والإنصاف.
المسألة الثالثة من قواعد الإنصاف"أهل العلم قد يُخطِّؤون ولكن لا يتسرعون في التكفير"ذكرتُ هنا"أهل العلم"، ولم نَقُل: المسلم قد يُخطِّئ ولا يتسرع في التكفير؛ لأن الذي يُصدر الأحكام هو الإنسان العالم، فالإنسان الذي ليس لديه معرفة بكلام الله ولا بكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا بالإجماع ولا بضوابط القياس، كيف له أن يحكم؟! لأن هذه المسألة مسألة علم، يصح أن يتكلم فيها العالم المجتهد والمؤهَّل، وكثير من الناس يظن أنه مجتهد، وأنه استوعب المسألة وأنه صار فيها من المجتهدين، فهذا مسكين! عَلِمْتَ شيئًا وغابت عنك أشياءُ.
كثير من الذين يدَّعون أنهم مُجتهدون هم في الحقيقة مُقلِّدون، يحفظ الأدلة وعلى ماذا تدل ويحفظ المسائل ويكررها، فيقول: هذه المسألة درستها عند الشيخ فلان، ودرستها عند فلان، وأخذتها من الكتاب الفلاني، وحافظها وحافظ أدلتها واستدلالاتها واستمدادها وذكرها، وقال الحمد لله أنا الآن صرت مجتهد!
لا، ليس هذا هو الاجتهاد، فإذا كان مجتهد نعطيه القرآن الكريم والسنة النبوية كالكتب التسعة ونعطيه قاموس في اللغة، وحينئذ هل يستطيع أن يستخرج المسائل ويجتهد فيها؟!