فهرس الكتاب
الصفحة 74 من 85

وقال تعالى فيمن حكم غير شرع الله واستكبر عن تطبيق منهج الله: (وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَل اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمْ الكَافِرُونَ) (وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَل اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمْ الظَّالمُونَ) (وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَل اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمْ الفَاسِقُونَ) .

فالحاكم أو الإمام أو الذي زعم الإقرار بالإسلام، إن لم يقبل الشرع ومنهج الإسلام، وينفذ ما جاء فيه من أحكام، مع وجود قدرته وقيام استطاعته، فقد شابه إبليس في عناده وحماقته، وامتناعه عن السجود للمعبود، واعلم أن الحكم بغير ما أنزل الله له درجات متفاوته، تتردد بين الكفر الأكبر الذي ينقض أصل الإيمان والكفر الأصغر ينقض كمال الإيمان، فيجب التنبه إلي ذلك، فقوله تعالى: (وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَل اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمْ الكَافِرُونَ) يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في واقعة معينة، وعدل عنه لحاجة في نفسه مع اعترافه بذنبه ومعصيته لربه وأنه مستحق للعقوبة بوزره، فهذا كفر أصغر لا يخرج عن الملة، وإن اعتقد أنه غير واجب وأنه مخير فيه مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر يخرج عن الملة، وإن جهل حكم الله، وأخطأ في إدراك شرع الله، فهو مخطئ له حكم المخطئين.

فمن نحي شرع الله بالكلية، بعد علمه بكمال الأحكام الإلهية، وقدم شرعا من انتاج العقول البشرية سواء كانت شرقية أو غربية، فقد وقع في كفر العناد والاستكبار.

أما تارك الصلاة، فكفره من جنس كفر إبليس، قال تعالى: (وَإِذَا قِيل لهُمْ اسْجُدُوا للرحمن قَالُوا وَمَا الرَّحْمَانُ أَنَسْجُدُ لمَا تَامُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا) الفرقان، وقال تعالى: (وَإِذَا قِيل لهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ للمُكَذِّبِينَ) المرسلات، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وقال صلي الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) فتارك الصلاة ممن انتسب إلي الإسلام علم بقلبه وأقر بلسانه ولكنه امتنع بجوارحه، وهذا يدلنا على انتفاء إرادته وامتناع قلبه، لوجود التلازم بين عمل القلب وعمل الجوارح، فلو كانت في نيته طاعة الله وعزم بإرادته على السجود لله لظهر ذلك في عمل الجوارح وقام إلي أداء الصلاة، ولكن امتناعه عن الصلاة مع وجود القدرة عليها يحتم فساد قلبه وخلوه من الإيمان.

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إلا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) ، والله عز وجل يقول: (إِنَّ الذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلهُ يَسْجُدُونَ) الأعراف/206، وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ الليْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ لا تَسْجُدُوا للشَّمْسِ وَلا للقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الذِي خَلقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لهُ بِالليْل وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) فصلت/38:37، فالمانع المباشر لعدم السجود كما ذكره الله هو الإباء والاستكبار، فإياك أخي المسلم من التقصير في الصلاة فإنها عمادُ الدين وحياةُ المؤمنين.

ومن علامات القبول الذي ينافي الرد في تحقيق شروط لا إله إلا الله، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يمكن لعبد يقبل كلمة التوحيد ويرضي بالمنكر ولا يأمر بالمعروف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبني على الاستطاعة والقدرة كما روي البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (مَنْ رَأي مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لمْ يَسْتَطِعْ فَبِلسَانِهِ فَإِنْ لمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلبِهِ وَذَلكَ أَضْعَفُ الإيمان) فأضعف الإيمان أن ينكر بالجنان عند عجز اللسان والأبدان، ولا يجوز أن يخلو ذلك من قلب إنسان شهد ألا إله إلا الله، فالإنكار القلبي يجب أن يكون كاملا ودائما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام