عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ ، قَالَ : ثنا حَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ لَمْ يَجُزِ ابْتِيَاعُهُ إِيَّاهُ , وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى تَأْوِيلٍ تَأَوَّلُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ . فَقَالَ : الْمُلَامَسَةُ مَا لَمَسَهُ مُشْتَرِيهِ بِيَدِهِ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ . قَالُوا : وَالْمُنَابَذَةُ هِيَ : مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ انْبِذْ إِلَيَّ ثَوْبَكَ , وَأَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ لِصَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ إِلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ , مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا غَائِبًا عَنْهُ , فَالْبَيْعُ جَائِزٌ , وَلَهُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ , إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ , وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ . الْأَوَّلِ إِلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِيهِ هِيَ : بَيْعٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَكَانَ الرَّجُلَانِ يَتَرَاوَضَانِ عَلَى الثَّوْبِ , فَإِذَا لَمَسَهُ الْمُسَاوِمُ بِهِ , كَانَ بِذَلِكَ مُبْتَاعًا لَهُ , وَوَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ . وَكَذَلِكَ الْمُنَابَذَةُ , كَانُوا أَيْضًا يَتَقَاوَلُونَ فِي الثَّوْبِ , وَفِيمَا أَشْبَهَهُ , ثُمَّ يَرْمِيهِ رَبُّهُ إِلَى الَّذِي قَاوَلَهُ عَلَيْهِ . فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا مِنْهُ إِيَّاهُ ثَوْبَهُ , وَلَا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْضُهُ . فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِي الْبِيَاعَاتِ أَنْ لَا يَجِبَ إِلَّا بِالْمُعَاقَدَاتِ الْمُتَرَاضَى عَلَيْهَا . فَقَالَ : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا . فَجَعَلَ إِلْقَاءَ أَحَدِهِمَا إِلَى صَاحِبِهِ الثَّوْبَ , قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ غَيْرَ قَاطِعٍ لِخِيَارِهِ . ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَيْفِيَّةِ تِلْكَ الْفُرْقَةِ , عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ , أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحَادِيثِ , هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ