أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَشَدَ النَّاسَ أَيْ سَأَلَهُمْ وَأَقْسَمَ عَلَيْهِمْ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ . فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ وَإِنَّ إِحْدَاهُمَا ضَرَبَتِ الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ مَكَانَهَا "
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَشَدَ النَّاسَ أَيْ سَأَلَهُمْ وَأَقْسَمَ عَلَيْهِمْ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ . فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ وَإِنَّ إِحْدَاهُمَا ضَرَبَتِ الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ مَكَانَهَا . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ , قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيُّ , قَالَ : ثنا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَأَنْ تُقْتَلَ مَكَانَهَا فَهَذَا حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَتَلَ الْمَرْأَةَ بِالَّتِي قَتَلَتْهَا بِالْمِسْطَحِ . فَقَدْ خَالَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَالْمُغِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِيمَا رَوَيَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَضَائِهِ بِالدِّيَةِ فِي ذَلِكَ . فَقَدْ تَكَافَأَتِ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ . فَلَمَّا تَكَافَأَتْ وَاخْتَلَفَتْ وَجَبَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِنَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ قَوْلًا صَحِيحًا فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ . فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِحَدِيدَةٍ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَهُوَ آثِمٌ فِي ذَلِكَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ . وَإِذَا قَتَلَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فَكَانَتِ الْكَفَّارَةُ تَجِبُ حَيْثُ يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ . وَتَرْتَفِعُ الْكَفَّارَةُ حَيْثُ يَجِبُ الْإِثْمُ . وَرَأَيْنَا شِبْهَ الْعَمْدِ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الدِّيَةَ فِيهِ وَأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهِ وَاجِبَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهَا مَا هِيَ ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ : هُوَ الرَّجُلُ يَقْتُلُ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ سِلَاحٍ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الرَّجُلُ يَقْتُلُ الرَّجُلَ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَرَى أَنَّهُ يَقْتُلُهُ كَأَنَّهُ يَتَعَمَّدُ ضَرْبَ رَجُلٍ بِسَوْطٍ أَوْ بِشَيْءٍ لَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ فَهَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَهُمْ . فَإِنْ كَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّرْبَ بِالسَّوْطِ مِرَارًا حَتَّى كَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَقْتُلُ مِثْلُهُ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الْقَوَدُ . وَكُلُّ مَنْ جَعَلَ مِنْهُمْ شِبْهَ الْعَمْدِ عَلَى جِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ أَوْجَبَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ . وَقَدْ رَأَيْنَا الْكَفَّارَةَ فِيمَا قَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفَرِيقَانِ تَجِبُ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْإِثْمُ وَتَنْتَفِي حَيْثُ يَكُونُ الْإِثْمُ وَكَانَ الْقَاتِلُ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا أَوْ مِثْلِ ذَلِكَ يَقْتُلُ عَلَيْهِ إِثْمُ النَّفْسِ وَهُوَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ كَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِحَدِيدَةٍ وَكَانَ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِسَوْطٍ لَيْسَ مِثْلُهُ يَقْتُلُ غَيْرَ آثِمٍ إِثْمَ الْقَتْلِ وَلَكِنَّهُ آثِمٌ إِثْمَ الضَّرْبِ فَكَانَ إِثْمُ الْقَتْلِ فِي هَذَا عَنْهُ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ وَإِثْمُ الضَّرْبِ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ لِأَنَّهُ قَصَدَهُ وَأَرَادَهُ . فَكَانَ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ شِبْهُ الْعَمْدِ الَّذِي قَدْ أُجْمِعَ أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةً فِي النَّفْسِ هُوَ مَا لَا إِثْمَ فِيهِ وَهُوَ الْقَتْلُ بِمَا لَيْسَ مِثْلُهُ يَقْتُلُ الَّذِي يَتَعَمَّدُ بِهِ الضَّرْبَ وَلَا يُرَادُ بِهِ تَلَفُ النَّفْسِ فَيَأْتِي ذَلِكَ عَلَى تَلَفِ النَّفْسِ . فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ