عَنْ حَمَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ ، قَالَ : كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ مُلَيْكَةُ وَأُمُّ عَفِيفٍ ، فَرَجَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْ قُبُلَهَا وَهِيَ حَامِلٌ ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا وَمَاتَتْ ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ ، وَقَضَى فِي الْجَنِينِ غُرَّةً : عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ مِائَةً مِنَ الشَّاءِ ، أَوْ عْشًرا مِنَ الْإِبِلِ ، فَقَامَ أَبُوهَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَتِهَا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ ، وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ دَمُهُ يُطَلُّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَسْنَا مِنْ أَسَاجِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي شَيْءٍ "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ حَمَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ ، قَالَ : كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ مُلَيْكَةُ وَأُمُّ عَفِيفٍ ، فَرَجَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْ قُبُلَهَا وَهِيَ حَامِلٌ ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا وَمَاتَتْ ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ ، وَقَضَى فِي الْجَنِينِ غُرَّةً : عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ مِائَةً مِنَ الشَّاءِ ، أَوْ عْشًرا مِنَ الْإِبِلِ ، فَقَامَ أَبُوهَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَتِهَا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ ، وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ دَمُهُ يُطَلُّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَسْنَا مِنْ أَسَاجِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي شَيْءٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مِقْدَارِ الْغُرَّةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْجَنِينِ مِنَ الدِّيَةِ أَنَّهُ نِصْفُ عُشْرِهَا ، فَوَجَدْنَا فِيهِ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْغُرَّةَ أَنَّهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ إِعْلَامُ النَّاسِ بِالْغُرَّةِ مَا هِيَ ؟ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : أَوْ مِائَةً مِنَ الشَّاءِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ الْغُرَّةِ فِي شَيْءٍ ، وَلَكِنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ الْغُرَّةِ مِنَ الدِّيَةِ مِنَ الشَّاءِ مَا هُوَ ؛ لَأَنَّ الدِّيَةَ مِنَ الشَّاءِ فِي قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الشَّاءَ صِنْفًا مِنْ أَصْنَافِ الدِّيَاتِ أَلْفَا شَاةٍ ، فَالْمِائَةُ مِنْهَا نِصْفُ عُشْرِهَا ، وَمِمَّنْ كَانَ يَجْعَلُ الدِّيَةَ مِنَ الشَّاءِ هَذَا الْمِقْدَارَ أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ ، فَلَمْ يَكُنْ يَجْعَلُ الدِّيَةَ إِلَّا فِي الْإِبِلِ ، وَفِي الدَّرَاهِمِ وَفِي الدَّنَانِيرِ خَاصَّةً . وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَانَ يَجْعَلُهَا فِي الْإِبِلِ ، وَفِي الدَّنَانِيرِ ، وَفِي الدَّرَاهِمِ . وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ ، فَكَانَ يَجْعَلُهَا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً دُونَ مَا سِوَاهَا ، وَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى ، وَلَمْ يَكُنْ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قَصْدِهِ بِالدِّيَةِ لِقَتِيلِ الْأَنْصَارِ إِلَى مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ ، وَلَا بِقَوْلِهِ فِي قَتِيلِ خَطَأِ الْعَمْدِ فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، فَدَافَعَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ أَصْنَافًا غَيْرَ الْإِبِلِ ، ثُمَّ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَوْ عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا وَهْمًا فِي النَّقْلِ ؛ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ جَمِيعًا ؛ وَلِتَلَقِّيهِمْ إِيَّاهُ بِالْخِلَافِ لَهُ ، وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا دَارَ عَلَى أَبِي الْمَلِيحِ ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ قَتَادَةُ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ .