عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا , وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا : " لَا نَفَقَةَ لَهُمَا , وَتَعْتَدَّانِ حَيْثُ شَاءَتَا "
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ . ثنا حَجَّاجٌ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , ح . وَحَدَّثَنَا صَالِحٌ , قَالَ : ثنا سَعِيدٌ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ : ثنا يُونُسُ , عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا , وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا : لَا نَفَقَةَ لَهُمَا , وَتَعْتَدَّانِ حَيْثُ شَاءَتَا . قَالُوا : فَإِنْ كَانَ عُمَرُ , وَعَائِشَةُ , وَأُسَامَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , أَنْكَرُوا عَلَى فَاطِمَةَ مَا رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالُوا بِخِلَافِهِ . فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ وَافَقَهَا عَلَى مَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ بِهِ , وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَسَنُ . فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ , أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي دَفْعِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }} ثُمَّ قَالَ {{ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا }} , وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ هُوَ الْمُرَاجَعَةُ . ثُمَّ قَالَ {{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ }} ثُمَّ قَالَ {{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ }} , يُرِيدُ فِي الْعِدَّةِ . فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا اثْنَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ , عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ , ثُمَّ رَاجَعَهَا , ثُمَّ طَلَّقَهَا أُخْرَى لِلسُّنَّةِ , حَرُمَتْ عَلَيْهِ , وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَهَا فِيهَا السُّكْنَى , أَوْ أَمَرَهَا فِيهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ , وَأَمَرَ الزَّوْجَ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا . وَلَمْ يُفَرِّقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ لِلسُّنَّةِ الَّتِي لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا , وَبَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ لِلسُّنَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ . فَلَمَّا جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ , فَرَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ خَالَفَتْ بِذَلِكَ كِتَابَ اللَّهِ نَصًّا , لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ السُّكْنَى لِمَنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا , وَخَالَفَتْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خِلَافَ مَا رَوَتْ , فَخَرَجَ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْهُ أَنْكَرَ عَلَيْهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أَنْكَرَ خُرُوجًا صَحِيحًا , وَبَطَلَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ , فَلَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِهِ أَصْلًا , لِمَا ذَكَرْنَا وَبَيَّنَّا . فَقَالَ قَائِلٌ : لَمْ يَجِئْ تَخْلِيطُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ إِلَّا مِمَّا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً . قَالَ : أَوَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَصْحَابِنَا الْحِجَازِيِّينَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَغْفَلَ فِي ذَلِكَ , أَوْ ذَهَبَ عَنْهُ , لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ بِكَمَالِهِ , كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ , فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ كُلَّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ , فَتَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ , مِمَّا وَصَفْنَا وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ , لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ أَضْبَطُ مِمَّا يَظُنُّ , وَأَتْقَنُ , وَأَوْثَقُ , وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى مَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , مَا يُغْنِينَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَيُقَالُ لَهُ : إِنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لَا سُكْنَى لَكِ قَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ , بِمِثْلِ مَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهَا . فَمَا جَاءَ مِنَ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا تَخْلِيطٌ , وَإِنَّمَا جَاءَ التَّخْلِيطُ مِمَّنْ رَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ , فَحَذَفَ بَعْضَ مَا فِيهِ , وَجَاءَ بِبَعْضٍ , فَأَمَّا أَصْلُ الْحَدِيثِ , فَكَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ . وَكَانَ مِنْ قَوْلِ هَذَا الْمُخَالِفِ لَنَا أَيْضًا أَنْ قَالَ : وَلَوْ كَانَ أَصْلُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ , لَكَانَ مُوَافِقًا أَيْضًا لِمَذْهَبِنَا , لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا نَفَقَةَ لَكِ أَيْ : لِأَنَّكِ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا سُكْنَى لَكِ لِأَنَّكِ بَذِيئَةٌ , وَالْبَذَاءُ : هُوَ الْفَاحِشَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} . وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ