عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ , صَاحِبِ الْحُلِيِّ , قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَمْلُوكِ , إِذَا حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : عَلَيْهِ الْحَجُّ أَيْضًا , وَعَنِ الصَّبِيِّ يَحُجُّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ , قَالَ : يَحُجُّ أَيْضًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ , صَاحِبِ الْحُلِيِّ , قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَمْلُوكِ , إِذَا حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : عَلَيْهِ الْحَجُّ أَيْضًا , وَعَنِ الصَّبِيِّ يَحُجُّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ , قَالَ : يَحُجُّ أَيْضًا وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا فَهُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ , فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ قَالَ هُوَ , مَا قَدْ ذَكَرْنَا . فَيَجِبُ عَلَى أَصْلِكُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا الَّذِي دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَجَّ لَا يُجْزِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ؟ قُلْتُ ؟ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ , عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ , مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ثَبَتَ أَنَّ الْقَلَمَ عَنِ الصَّبِيِّ مَرْفُوعٌ , ثَبَتَ أَنَّ الْحَجَّ عَلَيْهِ غَيْرُ مَكْتُوبٍ , وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ صَبِيًّا لَوْ دَخَلَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَصَلَّاهَا , ثُمَّ بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْتِهَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا , وَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا . فَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ مِنَ اتِّفَاقِهِمْ , ثَبَتَ أَنَّ الْحَجَّ كَذَلِكَ , وَأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ وَقَدْ حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ , أَنَّهُ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَحُجَّ , وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَأَيْنَا فِي الْحَجِّ حُكْمًا يُخَالِفُ حُكْمَ الصَّلَاةِ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْحَجَّ عَلَى مَنْ وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ يُوجِبْهُ عَلَى غَيْرِهِ . فَكَانَ مَنْ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إِلَى الْحَجِّ , فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ , كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ . ثُمَّ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إِلَى الْحَجِّ , فَحَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَشَى حَتَّى حَجَّ , أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ , وَإِنْ وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ ثَانِيَةً , لِلْحَجَّةِ الَّتِي قَدْ كَانَ حَجَّهَا قَبْلَ وُجُودِهِ السَّبِيلَ . فَكَانَ النَّظَرُ ، عَلَى ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا حَجَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ , فَفَعَلَ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ , أُجْزَاهُ ذَلِكَ , وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ ثَانِيَةً بَعْدَ الْبُلُوغِ . قِيلَ لَهُ : إِنَّ الَّذِي لَا يَجِدُ السَّبِيلَ , إِنَّمَا سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ لِعَدَمِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ , فَإِذَا مَشَى فَصَارَ إِلَى الْبَيْتِ , فَقَدْ بَلَغَ الْبَيْتَ , وَصَارَ مِنَ الْوَاجِدِينَ لِلسَّبِيلِ , فَوَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ , فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّهُ أَجْزَأَهُ حَجَّةً , وَلِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْبَيْتَ , كَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ هُنَالِكَ , فَعَلَيْهِ الْحَجُّ . وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَفَرْضُ الْحَجِّ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ , قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْبَيْتِ , وَبَعْدَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ , لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ فَإِذَا بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ , فَحِينَئِذٍ وَجَبَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ . فَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ مَا قَدْ كَانَ حَجُّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ , لَا يُجْزِيهِ , وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْحَجَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ , كَمَنْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ قَبْلَ ذَلِكَ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى