كُنَّا نُسَافِرُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطْعَمُ فَقَالَ : " هَلُمَّ فَاطْعَمْ " فَقُلْتُ : إِنِّي صَائِمٌ . فَقَالَ : " هَلُمَّ أُحَدِّثُكَ عَنِ الصِّيَامِ , إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصِّيَامَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، وَابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا : ثنا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ هَانِئِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَلْحَرِيشٍ , قَالَ : كُنَّا نُسَافِرُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَطْعَمُ فَقَالَ : هَلُمَّ فَاطْعَمْ فَقُلْتُ : إِنِّي صَائِمٌ . فَقَالَ : هَلُمَّ أُحَدِّثُكَ عَنِ الصِّيَامِ , إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصِّيَامَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ ، قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى ، قَالَ : ثنا أَبُو قِلَابَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ ، قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ ; فَقَالَ : أَلَا تَنْتَظِرُ الْغَدَا يَا أَبَا أُمَيَّةَ ؟ فَقُلْتُ : إِنِّي صَائِمٌ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَهَذِهِ الْآثَارُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ . وَأَنَّهُ فِي رَكْعَتَيْهِ كَالْمُقِيمِ فِي أَرْبَعَةٍ . فَكَمَا لَيْسَ لِلْمُقِيمِ أَنْ يَزِيدَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ شَيْئًا , فَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَزِيدَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ شَيْئًا . وَكَانَ النَّظَرُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْفُرُوضَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا , لَا بُدَّ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ; وَلَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ فِي أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْهَا . وَكَانَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِنْ شَاءَ ; وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْتِ بِهِ , فَهُوَ التَّطَوُّعُ ; إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ ; وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ . فَهَذِهِ هِيَ صِفَةُ التَّطَوُّعِ , وَمَا لَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ , فَهُوَ الْفَرْضُ , وَكَانَتِ الرَّكْعَتَانِ لَا بُدَّ مِنَ الْمَجِيءِ بِهِمَا وَمَا بَعْدَهُمَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ . فَقَوْمٌ يَقُولُونَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْتَى بِهِ , وَقَوْمٌ يَقُولُونَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجِيءَ بِهِ إِنْ شَاءَ , وَلَهُ أَنْ لَا يَجِيءَ بِهِ . فَالرَّكْعَتَانِ مَوْصُوفَتَانِ بِصِفَةِ الْفَرْضِ , فَهُمَا فَرِيضَةٌ , وَمَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ التَّطَوُّعِ , فَهُوَ تَطَوُّعٌ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ فَرْضُهُ رَكْعَتَانِ , وَكَانَ الْفَرْضُ عَلَى الْمُقِيمِ أَرْبَعًا فِيمَا يَكُونُ فَرْضُهُ عَلَى الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ . فَكَمَا لَا يَنْبَغِي لِلْمُقِيمِ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ , فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ شَيْئًا بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُتِمُّونَ , وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ فَعَلَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِ مِنًى