عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ ، قَالَ : فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ ، قَالَ : فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَرْفَعُ بَصَرَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ وَيَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ وَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : " أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " مِرَارًا ، ثُمَّ قَالَ : " إنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي قَبَلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ يَقُولُ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ، قَالَ : فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ، فَيَأْخُذُهَا وَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ أَكْفَانٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، فَإِذَا أَخَذَهَا قَامُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يَتْرُكُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : {{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ }} ، قَالَ وَتَخْرُجُ مِنْهُ مِثْلُ أَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى الْأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ ، فَلَا يَمُرُّونَ بِهِ عَلَى جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرِّيحُ الطِّيبُ ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : هَذَا فُلَانٌ ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ ، وَتُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى السَّمَاءِ قَالُوا : مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَيَقُولُونَ : هُوَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، قَالَ : فَيَقُولُ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي الْعِلِّيِينَ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيونَ ؟ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ، وَأَرْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ : مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، قَالَ : فَتَرْجِعُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ مَلَكَانِ شَدِيدا الِانْتِهَارِ ، فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ ، قَالَ : فَيَقُولَانِ : مَا هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ قَالَ : يَقُولُ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : فَيَقُولَانِ لَهُ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ قَالَ : يَقُولُ : قَرَأَتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : صَدَقَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : {{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }} فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَيُلْبَسُ مِنَ الْجَنَّةِ ، ويُفْرَشُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، وَيُمَثَّلُ لَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، قَالَ : فَيَقُولُ لَهُ : أَبْشِرْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، قَالَ : فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَوَاللَّهِ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَنَا بِالْخَيْرِ ، مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، قَالَ : فَيَقُولُ : وَاللَّهِ - مَا عَلِمْتُ - إنْ كُنْتَ لَحَرِيصًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، قَالَ : فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ كَيْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي " قَالَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ : وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَنَّهُ قَالَ : يُقَالُ لَهُ : " نَمْ ، فَيَنَامُ ألَذَّ نَوْمَةٍ نَامَهَا نَائِمٌ قَطُّ حَتَّى تُوقِظَهُ السَّاعَةُ " ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ قَالَ : " وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا ، إِذَا كَانَ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وإقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ ، جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَقْعُدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ إِلَى غَضِبٍ مِنَ اللَّهِ وَسَخِطٍ ، قَالَ : فَتَفَرَّقَ فِي جَسَدِهِ ، فَيَسْتَخْرِجُهَا وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ كَمَا يُسْتَخْرَجُ الصُّوفُ الْمَبْلُولُ بِالسَّفُّودِ ، وَيَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي يَدِ مَلَكِ الْمَوْتِ قَامَتْ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فَمَا تَتْرُكُهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فَتَخْرُجُ مِثْلَ أَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَ بِكُلِّ وَجْهِ الْأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ لَا يَمُرُّونَ عَلَى جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ قَالُوا : هَذَا فُلَانٌ ، بِشَرِّ أَسْمَائِهِ ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا غُلِّقَتْ دُونَهُ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ ، وَأَرْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ : أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، قَالَ : فَيُرْمَى بِهِ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ، قَالَ : وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ : اجْلِسْ ، فَيَجْلِسُ ، فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : آهْ آهْ لَا أَدْرِي ، فَيَقُولَانِ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : آهْ آهْ لَا أَدْرِي ، فَيَقُولَانِ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : آهْ آهْ لَا أَدْرِي ، قَالَ : فَيُنَادَى مِنَ السَّمَاءِ : أَنْ كَذَبَ ، قَالَ : فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ ، ويُفْرَشُ مِنَ النَّارِ ، وَيَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، قَالَ : فَيَقُولُ : رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ ، رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، نا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، نا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ ، قَالَ : فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ ، قَالَ : فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَرْفَعُ بَصَرَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ وَيَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ وَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مِرَارًا ، ثُمَّ قَالَ : إنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي قَبَلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ يَقُولُ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ، قَالَ : فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ، فَيَأْخُذُهَا وَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ أَكْفَانٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، فَإِذَا أَخَذَهَا قَامُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يَتْرُكُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : {{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ }} ، قَالَ وَتَخْرُجُ مِنْهُ مِثْلُ أَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى الْأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ ، فَلَا يَمُرُّونَ بِهِ عَلَى جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرِّيحُ الطِّيبُ ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : هَذَا فُلَانٌ ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ ، وَتُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى السَّمَاءِ قَالُوا : مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَيَقُولُونَ : هُوَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، قَالَ : فَيَقُولُ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي الْعِلِّيِينَ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيونَ ؟ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ، وَأَرْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ : مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، قَالَ : فَتَرْجِعُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ مَلَكَانِ شَدِيدا الِانْتِهَارِ ، فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللَّهُ ، قَالَ : فَيَقُولَانِ : مَا هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ قَالَ : يَقُولُ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : فَيَقُولَانِ لَهُ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ قَالَ : يَقُولُ : قَرَأَتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : صَدَقَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : {{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }} فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَيُلْبَسُ مِنَ الْجَنَّةِ ، ويُفْرَشُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، وَيُمَثَّلُ لَهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، قَالَ : فَيَقُولُ لَهُ : أَبْشِرْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، قَالَ : فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَوَاللَّهِ لَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَنَا بِالْخَيْرِ ، مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، قَالَ : فَيَقُولُ : وَاللَّهِ - مَا عَلِمْتُ - إنْ كُنْتَ لَحَرِيصًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، قَالَ : فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ كَيْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي قَالَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ : وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَنَّهُ قَالَ : يُقَالُ لَهُ : نَمْ ، فَيَنَامُ ألَذَّ نَوْمَةٍ نَامَهَا نَائِمٌ قَطُّ حَتَّى تُوقِظَهُ السَّاعَةُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ قَالَ : وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا ، إِذَا كَانَ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وإقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ ، جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَقْعُدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ إِلَى غَضِبٍ مِنَ اللَّهِ وَسَخِطٍ ، قَالَ : فَتَفَرَّقَ فِي جَسَدِهِ ، فَيَسْتَخْرِجُهَا وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ كَمَا يُسْتَخْرَجُ الصُّوفُ الْمَبْلُولُ بِالسَّفُّودِ ، وَيَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي يَدِ مَلَكِ الْمَوْتِ قَامَتْ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فَمَا تَتْرُكُهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فَتَخْرُجُ مِثْلَ أَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَ بِكُلِّ وَجْهِ الْأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهِ لَا يَمُرُّونَ عَلَى جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ قَالُوا : هَذَا فُلَانٌ ، بِشَرِّ أَسْمَائِهِ ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا غُلِّقَتْ دُونَهُ فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ ، وَأَرْجِعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ : أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، قَالَ : فَيُرْمَى بِهِ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ، قَالَ : وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ : اجْلِسْ ، فَيَجْلِسُ ، فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : آهْ آهْ لَا أَدْرِي ، فَيَقُولَانِ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : آهْ آهْ لَا أَدْرِي ، فَيَقُولَانِ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : آهْ آهْ لَا أَدْرِي ، قَالَ : فَيُنَادَى مِنَ السَّمَاءِ : أَنْ كَذَبَ ، قَالَ : فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ ، ويُفْرَشُ مِنَ النَّارِ ، وَيَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، قَالَ : فَيَقُولُ : رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ ، رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ