عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : جَاءَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ النَّاسُ , قَالَ : فَمَا أَدْرِي لَعَلَّنَا أَنْ لَا نَزِيدَ عَلَى سَبْعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ : بَيْنَ ذَلِكَ , وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثُونَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , مَعَهُمُ الْفُيُولُ , قَالَ : فَلَمَّا نَزَلُوا قَالُوا لَنَا : ارْجِعُوا وَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا , وَلَا نَرَى لَكُمْ قُوَّةً وَلَا سِلَاحًا , فَارْجِعُوا , قَالَ : قُلْنَا : مَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ , قَالَ : وَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ بِنَبْلِنَا وَيَقُولُونَ : دُوكْ يُشَبِّهُونَهَا بِالْمُغَازَلِ , قَالَ : فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ قَالُوا : ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلًا عَاقِلًا يُخْبِرُنَا بِالَّذِي جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : أَنَا , قَالَ : فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ , قَالَ فَجَلَسَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ فَنَخَرَ وَنَخَرُوا حِينَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ : قَالَ الْمُغِيرَةُ : مَا زَادَنِي فِي مَجْلِسِي هَذَا وَلَا نَقَصَ صَاحِبَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ : أَخْبِرُونِي مَا جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنِّي لَا أَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ : كُنَّا قَوْمًا فِي شَقَاءٍ وَضَلَالَةٍ فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيَّنَا فَهَدَانَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ , فَكَانَ فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةٌ زَعَمُوا أَنَّهَا تَنْبُتُ بِهَذِهِ الْأَرْضِ , فَلَمَّا أَكَلْنَا مِنْهَا وَأَطْعَمْنَا مِنْهَا أَهْلِينَا قَالُوا : لَا خَيْرَ لَنَا حَتَّى تَنْزِلُوا هَذِهِ الْبِلَادَ فَنَأْكُلُ هَذِهِ الْحَبَّةَ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : إِذًا نَقْتُلُكُمْ , قَالَ : فَإِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ , وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ , وَإِلَّا أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ , قَالَ : فَلَمَّا قَالَ " أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ " قَالَ : صَاحُو وَنَخَرُوا وَقَالُوا : لَا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : أَتَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ , قَالَ فَاسْتَأْخَرَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَرَ , قَالَ : فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ قَالَ حُصَيْنٌ : كَانَ مَلِكُهُمْ رُسْتُمُ مِنْ أَهْلِ أَذَرْبِيجَانَ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنَّا يُقَالُ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ جَحْشٍ : قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَمْشِي عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , نَعْبُرُ الْخَنْدَقَ عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , مَا مَسَّهُمْ سِلَاحٌ , قَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , قَالَ : وَوَجَدْنَا جِرَابًا فِيهِ كَافُورٌ , قَالَ : فَحَسِبْنَاهُ مِلْحًا لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِلْحٌ قَالَ : فَطَبَخْنَا لَحْمًا فَطَرَحْنَا مِنْهُ فِيهِ , فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ طَعْمًا فَمَرَّ بِنَا عِبَادِيٌّ مَعَهُ قَمِيصٌ , قَالَ : فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُعْرِبِينَ , لَا تُفْسِدُوا طَعَامَكُمْ فَإِنَّ مِلْحَ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا خَيْرَ فِيهِ , هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ فِيهِ هَذَا الْقَمِيصَ ؟ , قَالَ : فَأَعْطَانَا بِهِ قَمِيصًا , فَأَعْطَيْنَاهُ صَاحِبًا لَنَا فَلَبِسَهُ , قَالَ : فَجَعَلْنَا نُطِيفُ بِهِ وَنَعْجَبُ مِنْهُ , قَالَ : فَإِذَا ثَمَنُ الْقَمِيصِ حِينَ عَرَفْنَا الثِّيَابَ دِرْهَمَانِ , قَالَ : وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَشَرْتُ إِلَى رَجُلٍ وَإِنَّ عَلَيْهِ لَسِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنَّ سِلَاحَهُ تَحَتَّ فِي قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ , وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا , قَالَ : فَمَا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى ضَرَبْنَا عُنُقَهُ , فَهَزَمْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْفُرَاتَ , قَالَ : فَرَكِبْنَا فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ , قَالَ : فَنَزَلْنَا كَوْثًا , قَالَ : وَمُسَلَّحَةً لِلْمُشْرِكِينَ بِدَيْرِ الْمِسْلَاخِ فَأَتَتْهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَتُقَاتِلُهُمْ , فَانْهَزَمَتْ مُسَلَّحَةُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ , وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ , وَعَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَلِوَاذِيٍّ مِنْ أَسْفَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ فَحَصَرُوهُمْ حَتَّى مَا يَجِدُونَ طَعَامًا إِلَّا كِلَابَهُمْ وَسَنَانِيرَهُمْ , قَالَ : فَتَحَمَّلُوا فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَتَوْا جَلُولَاءَ , قَالَ : فَسَارَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ بِالنَّاسِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ , قَالَ : وَهِيَ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ , قَالَ : فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَانْطَلَقَ فَلُّهُمْ إِلَى نَهَاوَنْدَ , قَالَ : وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْهَزَمُوا مِنْ جَلُولَاءَ أَتَوْا نَهَاوَنْدَ , قَالَ : فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ , وَعَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمِيَّ , قَالَ : فَأَتَى عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ فَقَالَ لَهُ : أَعْطِنِي فَرَسِي وَسِلَاحَ مِثْلِي , قَالَ : نَعَمْ , أُعْطِيكَ مِنْ مَالِي , قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ : وَاللَّهِ لَقَدْ هَاجَيْنَاكُمْ وَقَاتَلْنَاكُمْ فَمَا أَجَبْنَاكُمْ , وَسَأَلْنَاكُمْ فَمَا أَنَجَلْنَاكُمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَكَانَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرَّنٍ عَلَى كَسْكَرَ , قَالَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ كَسْكَرَ كَمَثَلِ رَجُلٍ شَابٍّ عِنْدَ مُومِسَةٍ تُلَوَّنُ لَهُ وَتُعَطَّرُ , وَإِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَمَّا عَزَلْتَنِي عَنْ كَسْكَرَ , وَبَعَثْتَنِي فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ : سِرْ إِلَى النَّاسِ بِنَهَاوَنْدَ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ , قَالَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَالْتَقَوْا , فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ , قَالَ : وَأَخَذَ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرَّنٍ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ وَأَهْلَكَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ , فَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ بَعْدُ يَوْمَئِذٍ , قَالَ : وَكَانَ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَسِيرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ فِي بِلَادِهِمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : لَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمَدَائِنِ لَحِقَهُمْ بِجَلُولَاءَ ثُمَّ رَجَعَ وَبَعَثَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ , قَالَ : وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَهَا بِالنَّاسِ , فَاجْتَوَاهَا النَّاسُ وَكَرِهُوهَا , فَبَلَغَ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ كَرِهُوهَا فَسَأَلَ : هَلْ يَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالُوا : لَا , لِأَنَّ بِهَا الْبَعُوضَ , قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَصْلُحُ بِأَرْضٍ لَا يَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالَ : فَارْجِعُوا , قَالَ : فَلَقِيَ سَعْدٌ عِبَادِيًّا , قَالَ : فَقَالَ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَرْضٍ ارْتَفَعَتْ مِنَ الْبَقَّةِ وَتَطَأْطَأَتْ مِنَ السَّبْخَةِ وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ وَطَعَنَتْ فِي أَنْفِ التُّرْبَةِ , قَالَ : أَرْضٌ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْفُرَاتِ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، قَالَ ثنا حُصَيْنٌ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : جَاءَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ النَّاسُ , قَالَ : فَمَا أَدْرِي لَعَلَّنَا أَنْ لَا نَزِيدَ عَلَى سَبْعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ : بَيْنَ ذَلِكَ , وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثُونَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , مَعَهُمُ الْفُيُولُ , قَالَ : فَلَمَّا نَزَلُوا قَالُوا لَنَا : ارْجِعُوا وَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا , وَلَا نَرَى لَكُمْ قُوَّةً وَلَا سِلَاحًا , فَارْجِعُوا , قَالَ : قُلْنَا : مَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ , قَالَ : وَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ بِنَبْلِنَا وَيَقُولُونَ : دُوكْ يُشَبِّهُونَهَا بِالْمُغَازَلِ , قَالَ : فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ قَالُوا : ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلًا عَاقِلًا يُخْبِرُنَا بِالَّذِي جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : أَنَا , قَالَ : فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ , قَالَ فَجَلَسَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ فَنَخَرَ وَنَخَرُوا حِينَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ : قَالَ الْمُغِيرَةُ : مَا زَادَنِي فِي مَجْلِسِي هَذَا وَلَا نَقَصَ صَاحِبَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ : أَخْبِرُونِي مَا جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنِّي لَا أَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ : فَقَالَ : كُنَّا قَوْمًا فِي شَقَاءٍ وَضَلَالَةٍ فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيَّنَا فَهَدَانَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ , فَكَانَ فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةٌ زَعَمُوا أَنَّهَا تَنْبُتُ بِهَذِهِ الْأَرْضِ , فَلَمَّا أَكَلْنَا مِنْهَا وَأَطْعَمْنَا مِنْهَا أَهْلِينَا قَالُوا : لَا خَيْرَ لَنَا حَتَّى تَنْزِلُوا هَذِهِ الْبِلَادَ فَنَأْكُلُ هَذِهِ الْحَبَّةَ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : إِذًا نَقْتُلُكُمْ , قَالَ : فَإِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ , وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ , وَإِلَّا أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ , قَالَ : فَلَمَّا قَالَ أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ قَالَ : صَاحُو وَنَخَرُوا وَقَالُوا : لَا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : أَتَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ , قَالَ : فَقَالَ رُسْتُمُ : بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ , قَالَ فَاسْتَأْخَرَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَرَ , قَالَ : فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ قَالَ حُصَيْنٌ : كَانَ مَلِكُهُمْ رُسْتُمُ مِنْ أَهْلِ أَذَرْبِيجَانَ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنَّا يُقَالُ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ جَحْشٍ : قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَمْشِي عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , نَعْبُرُ الْخَنْدَقَ عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , مَا مَسَّهُمْ سِلَاحٌ , قَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , قَالَ : وَوَجَدْنَا جِرَابًا فِيهِ كَافُورٌ , قَالَ : فَحَسِبْنَاهُ مِلْحًا لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِلْحٌ قَالَ : فَطَبَخْنَا لَحْمًا فَطَرَحْنَا مِنْهُ فِيهِ , فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ طَعْمًا فَمَرَّ بِنَا عِبَادِيٌّ مَعَهُ قَمِيصٌ , قَالَ : فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُعْرِبِينَ , لَا تُفْسِدُوا طَعَامَكُمْ فَإِنَّ مِلْحَ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا خَيْرَ فِيهِ , هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ فِيهِ هَذَا الْقَمِيصَ ؟ , قَالَ : فَأَعْطَانَا بِهِ قَمِيصًا , فَأَعْطَيْنَاهُ صَاحِبًا لَنَا فَلَبِسَهُ , قَالَ : فَجَعَلْنَا نُطِيفُ بِهِ وَنَعْجَبُ مِنْهُ , قَالَ : فَإِذَا ثَمَنُ الْقَمِيصِ حِينَ عَرَفْنَا الثِّيَابَ دِرْهَمَانِ , قَالَ : وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَشَرْتُ إِلَى رَجُلٍ وَإِنَّ عَلَيْهِ لَسِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنَّ سِلَاحَهُ تَحَتَّ فِي قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ , وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا , قَالَ : فَمَا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى ضَرَبْنَا عُنُقَهُ , فَهَزَمْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْفُرَاتَ , قَالَ : فَرَكِبْنَا فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ , قَالَ : فَنَزَلْنَا كَوْثًا , قَالَ : وَمُسَلَّحَةً لِلْمُشْرِكِينَ بِدَيْرِ الْمِسْلَاخِ فَأَتَتْهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَتُقَاتِلُهُمْ , فَانْهَزَمَتْ مُسَلَّحَةُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ , وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ , وَعَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَلِوَاذِيٍّ مِنْ أَسْفَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ فَحَصَرُوهُمْ حَتَّى مَا يَجِدُونَ طَعَامًا إِلَّا كِلَابَهُمْ وَسَنَانِيرَهُمْ , قَالَ : فَتَحَمَّلُوا فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَتَوْا جَلُولَاءَ , قَالَ : فَسَارَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ بِالنَّاسِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ , قَالَ : وَهِيَ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ , قَالَ : فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَانْطَلَقَ فَلُّهُمْ إِلَى نَهَاوَنْدَ , قَالَ : وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْهَزَمُوا مِنْ جَلُولَاءَ أَتَوْا نَهَاوَنْدَ , قَالَ : فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ , وَعَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمِيَّ , قَالَ : فَأَتَى عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ فَقَالَ لَهُ : أَعْطِنِي فَرَسِي وَسِلَاحَ مِثْلِي , قَالَ : نَعَمْ , أُعْطِيكَ مِنْ مَالِي , قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ : وَاللَّهِ لَقَدْ هَاجَيْنَاكُمْ وَقَاتَلْنَاكُمْ فَمَا أَجَبْنَاكُمْ , وَسَأَلْنَاكُمْ فَمَا أَنَجَلْنَاكُمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : وَكَانَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرَّنٍ عَلَى كَسْكَرَ , قَالَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ كَسْكَرَ كَمَثَلِ رَجُلٍ شَابٍّ عِنْدَ مُومِسَةٍ تُلَوَّنُ لَهُ وَتُعَطَّرُ , وَإِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَمَّا عَزَلْتَنِي عَنْ كَسْكَرَ , وَبَعَثْتَنِي فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ : سِرْ إِلَى النَّاسِ بِنَهَاوَنْدَ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ , قَالَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَالْتَقَوْا , فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ , قَالَ : وَأَخَذَ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرَّنٍ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ وَأَهْلَكَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ , فَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ بَعْدُ يَوْمَئِذٍ , قَالَ : وَكَانَ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَسِيرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ فِي بِلَادِهِمْ , قَالَ حُصَيْنٌ : لَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمَدَائِنِ لَحِقَهُمْ بِجَلُولَاءَ ثُمَّ رَجَعَ وَبَعَثَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ , قَالَ : وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَهَا بِالنَّاسِ , فَاجْتَوَاهَا النَّاسُ وَكَرِهُوهَا , فَبَلَغَ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ كَرِهُوهَا فَسَأَلَ : هَلْ يَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالُوا : لَا , لِأَنَّ بِهَا الْبَعُوضَ , قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَصْلُحُ بِأَرْضٍ لَا يَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالَ : فَارْجِعُوا , قَالَ : فَلَقِيَ سَعْدٌ عِبَادِيًّا , قَالَ : فَقَالَ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَرْضٍ ارْتَفَعَتْ مِنَ الْبَقَّةِ وَتَطَأْطَأَتْ مِنَ السَّبْخَةِ وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ وَطَعَنَتْ فِي أَنْفِ التُّرْبَةِ , قَالَ : أَرْضٌ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْفُرَاتِ