حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ قَالَ : أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتْعَبْتُ وَأَنْضَيْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا وَالْإِمَامُ وَاقِفٌ ، فَوَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ ، ثُمَّ أَفَاضَ مَعَ النَّاسِ ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ، فَلَا حَجَّ لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْمَعْنَى لِمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِجَمْعٍ ، أَنَّهُ لَا حَجَّ لَهُ ، فَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا جَاءَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الشَّعْبِيِّ غَيْرَ مُطَرِّفٍ ، فَأَمَّا الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ ، فَلَا يَذْكُرُونَهُ فِيهِ ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِجَمْعٍ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , : هَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ قَدْ أَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي , فَقَالَ : مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ ، وَقَدْ وَقَفَ مَعَنَا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ، وَقَضَى تَفَثَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ : زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَزَكَرِيَّا , عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيَّ يَقُولُ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمُزْدَلِفَةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ ، وَاللَّهِ مَا جِئْتُ حَتَّى أَتْعَبْتُ نَفْسِي ، وَأَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي ، وَمَا تَرَكْتُ جَبَلًا مِنْ هَذِهِ الْجِبَالِ إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقَدْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ، وَقَضَى تَفَثَهُ قَالَ سُفْيَانُ : وَزَادَ زَكَرِيَّا فِيهِ وَكَانَ أَحْفَظَ الثَّلَاثَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَيْتُ هَذِهِ السَّاعَةَ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ ، قَدْ أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي ، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ : مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نُفِيضَ ، وَقَدْ كَانَ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ، وَقَضَى تَفَثَهُ قَالَ سُفْيَانُ وَزَادَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، فَقَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا , عَنْ عَامِرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ أَنَّهُ حَجَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمْ يُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا لَيْلًا ، وَهُمْ بِجَمْعٍ ، فَانْطَلَقَ إِلَى عَرَفَاتٍ لَيْلًا ، فَأَفَاضَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَمْعٍ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَعْمَلْتُ نَفْسِي ، وَأَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي ، فَمَا لِي مِنْ كَبِيرٍ مِنَ الْحَجِّ ؟ فَقَالَ : مَنْ صَلَّى مَعَنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِجَمْعٍ ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نُفِيضَ ، وَقَدْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ، وَقَضَى تَفَثَهُ وَمِنْهُمْ : مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ , عَنْ مُجَالِدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِجَمْعٍ يَعْنِي مُزْدَلِفَةَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتْعَبْتُ نَفْسِي ، وَأَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي ، وَلَمْ يَبْقَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ عَرَفَةَ ، إِلَّا وَقَدْ وَقَفْتُ بِهِ ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ ؟ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ صَلَّى مَعَنَا صَلَاتَنَا هَذِهِ ، وَقَدْ كَانَ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوِ نَهَارٍ ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ ، وَقَضَى تَفَثَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي زَادَهُ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَلَى أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى أَنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ الْفُتْيَا عَلَيْهِمْ بِالْحَرَمَيْنِ ، وَبِسَائِرِ الْأَمْصَارِ سِوَاهُمَا لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِجَمْعٍ ، وَقَدْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ ، أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ ، وَأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ ، وَقَدْ فَاتَهُ مِنْهُ مَا يَكْفِيهِ عَنْهُ الدَّمُ ، غَيْرَ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ قَلِيلَةِ الْعَدَدِ ، فَإِنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِجَمْعٍ فِي حَجِّهِ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ ، وَجَعَلُوا فَوْتَ الْوُقُوفِ بِجَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، كَفَوْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِي الْحَجِّ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ غَيْرَ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ الْمَعْنِي قَدْ يَحْتَمِلُ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ تِلْكَ الْمَقَالَةِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَيَكُونُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ التَّغْلِيظُ وَالتَّوْكِيدُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ مُزْدَلِفَةَ ، وَيَكُونُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مِمَّا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ كَمِثْلِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ : لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَنَّ مَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ خَارِجٌ مِنَ الْإِيمَانِ ، دَاخِلٌ فِي ضِدِّهِ ، وَلَكِنَّهُ فِي إِيمَانٍ دُونَ الْإِيمَانِ الَّذِي مَعَ أَهْلِهِ الْأَمَانَةُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا دِينَ لَهُ ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا دِينَ لَهُ كَالدِّينِ الَّذِي مَعَ مَنْ لَهُ الْعَهْدُ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ مُطَرِّفٍ مِمَّا ذَكَرْنَا قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ، فَلَا حَجَّ لَهُ عَلَى مَعْنَى فَلَا حَجَّ لَهُ كَحَجِّ مَنْ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَهُ ، وَوَجَدْنَا مَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى ذَلِكَ بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاسْتِخْرَاجِ ، وَهُوَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ ، لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِ ، وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ ، وَلَمْ يُعْذَرْ أَحَدٌ فِي تَرْكِهِ بِعُذْرٍ ، وَلَا بِغَيْرِ عُذْرٍ ، وَكَانَتْ جَمْعٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَدْ رَخَّصَ لِزَوْجَتِهِ سَوْدَةَ أَنْ تُفِيضَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقِفَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالِ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ثَبِطَةً ثَقِيلَةً ، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ أَنْ تَقِفَ ، فَأَذِنَ لَهَا ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ اسْتَأْذَنْتُهُ ، فَأَذِنَ لِي وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ كَانَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِي تَقْدِيمِهِ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ ، وَلَمَّا كَانَ الْوُقُوفُ بِجَمْعٍ مِمَّا قَدْ يَرْتَفِعُ بِالْعُذْرِ ، وَكَانَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ الَّذِي لَا يَرْتَفِعُ بِعُذْرٍ وَلَا بِغَيْرِهِ ، عَقَلْنَا : أَنَّ مَا يَرْتَفِعُ بِالْعُذْرِ ، فَلَيْسَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ ، وَأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مِثْلُ الطَّوَافِ ، فَمِنْهُ طَوَافُ الزِّيَارَةِ هُوَ الَّذِي فُرِضَ لَا بُدَّ لِلْحَاجِّ مِنْهُ ، وَلَا يَرْتَفِعُ فَرْضُهُ عَنْهُ بِعُذْرٍ وَلَا بِغَيْرِهِ ، وَكَانَ بِخِلَافِ طَوَافِ الصَّدْرِ الَّذِي قَدْ رُفِعَ عَنِ الْحَائِضِ ، وَعُذِرَتْ بِالْحَيْضِ فِي تَرْكِهِ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ أَنَّ الْوُقُوفَ بِجَمْعٍ لَمَّا كَانَ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فِي حَالٍ مَا عَنِ الْحَاجِّ ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ ، وَأَنَّهُ مِمَّا قَدْ يُجْزِئُ مِنْهُ الدَّمُ كَمَا يُجْزِئُ فِي تَرْكِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا ، فَقَالُوا : أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَخْزُومِيُّ , قَالَ عِيسَى : وَكَانَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ عَاصِمٍ ، وَعَمْرٍو ابْنَيْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَجَدَ عَيْبَةً ، فَأَتَى بِهَا عُمَرَ , فَقَالَ : عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ عُرِفَتْ فَذَاكَ ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ ، فَلَمْ تُعْرَفْ ، فَلَقِيتُهُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، فَذَكَرْتُهَا لَهُ ، فَقَالَ : هِيَ لَكَ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي بِهَا ، فَقَبَضَهَا عُمَرُ ، وَجَعَلَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ الْكُوفِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ عَمْرٍو ، وَعَاصِمِ ابْنَيْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أَبِيهِمَا : أَنَّهُ الْتَقَطَ عَيْبَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي اللُّقَطَةِ : إِنَّهَا لِلْمُلْتَقِطِ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي يُعَرِّفُهَا فِيهَا ، إِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا فَتَأَمَّلْنَا الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ : هَلْ هُوَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ لَهَا ، أَمْ لَا ؟ فَوَجَدْنَا عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ فِيهِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ : أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلًا بِطَرِيقِ الشَّامِ ، فَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا ، فَذَكَرَهَا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالَ لَهُ : عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ ، وَاذْكُرْهَا لِمَنْ يَقْدَمُ مِنَ الشَّامِ سَنَةً ، فَإِذَا انْقَضَتْ سَنَةٌ ، فَشَأْنُكَ بِهَا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ بِصُرَّةٍ فِيهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ عَرَّفْتُهَا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ وَجَدْتَ رَبَّهَا ، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا فَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى فِي اسْمِ الرَّجُلِ الَّذِي حَدَّثَهُمَا عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَفِي اسْمِ أَبِيهِ ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ ، مَا هُوَ ؟ وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثَ مُوَافِقًا لِمَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ ، ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ عُمَرَ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْ هَذَا
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَخْبَرَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ , عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ الْعُرَيْجَيِّ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَجَدْتُ بَدْرَةً فِيهَا مَالٌ فَعَرَّفْتُهَا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي وَجَدْتُ بَدْرَةً ، فَعَرَّفْتُهَا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا حَوْلًا ، فَإِنْ وَجَدْتَ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ ، وَإِلَّا فَائْتِنِي بِهَا عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَ : فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَأَتَيْتُهُ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، وَقُلْتُ : أَعِنْهَا عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ قَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ ، قُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِلَّا أَعَنْتَهَا عَنِّي ، فَقَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا فَقُلْتُ : مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا ؟ قَالَ : إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا خَيَّرْتَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْأَجْرُ ، فَإِنْ أَبَى رَدَدْتَ عَلَيْهِ مَالَهُ ، وَكَانَ لَكَ الْأَجْرُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَبُو نَوْفَلٍ الْعُرَيْجِيُّ هَذَا : هُوَ ابْنُ أَبِي عَقْرَبٍ مِنْ كِنَانَةِ قُرَيْشٍ ، وَاسْمُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا : وَقَدْ صَحِبَ أَبُوهُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ غَيْرَ أَنَّهُ تَحَوَّلَ مِنْهَا ، فَسَكَنَ الْبَصْرَةَ ، وَقَدْ رَوَى أَبُو نَوْفَلٍ ، عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ ، وَشُعْبَةَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ إِبَانَةُ حُكْمِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ ، وَأَنَّهُ الصَّدَقَةُ بِهَا ، وَكَانَ تَصْحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ : أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ ، لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ لَهَا ، وَلَكِنْ هِيَ لَكَ تَصْرِفُهَا فِيمَا يَجِبُ صَرْفُهَا فِيهِ ، فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ عَنْ عُمَرَ فِيهِ فِي أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي لُقَطَةٍ كَانَ وَجَدَهَا عَلِيٌّ فِي زَمَنِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ فِيهِ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ ، لَا يُحْتَجُّ عِنْدَنَا بِمِثْلِهِ ، وَلَكِنْ حَمَلَنَا عَلَى الْمَجِيءِ بِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدِ احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا فِي مَنْعِنَا لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ أَكْلِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ إِذَا كَانَ غَنِيًّا عَنْهَا
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ , حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَى نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ قَالَ : وَجَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ دِينَارًا فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنِّي وَجَدْتُ هَذَا ، فَقَالَ : عَرِّفْهُ فَذَهَبَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ عَرَّفْتُهُ ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ قَالَ : فَشَأَنَكَ بِهِ قَالَ : فَذَهَبْتُ ، فَرَهَنْتُهُ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ وَوَدَكٍ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ صَاحِبُهُ يَنْشُدُهُ ، فَعَرَفَهُ ، فَجَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَذَا صَاحِبُ الدِّينَارِ قَالَ : أَدِّهِ إِلَيْهِ فَأَدَّاهُ عَلِيٌّ إِلَيْهِ بَعْدَمَا أَكَلُوا مِنْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ حَلَالٌ لِلْمُلْتَقِطِ بَعْدَ الْحَوْلِ ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا عَنْهَا ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَرْجِعُ إِلَى الصَّدَقَةِ ، لَمَا جَازَتْ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ مِنْ صَلِيبَةِ بَنِي هَاشِمٍ ؛ وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ حَرَامٌ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ ، لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ لَا سِيَّمَا وَأَحَدُ رُوَاتُهُ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمَرٍ ، وَأَهْلُ الْأَسَانِيدِ يَقُولُونَ فِي رِوَايَتِهِ مَا يَقُولُونَ فِيهَا ، وَلَوِ احْتَجَّ عَلَيْكَ خَصْمُكَ بِمِثْلِ هَذَا لَمَا سَوَّغْتُهُ إِيَّاهُ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَحْتَجَّ بِهِ عَلَى خَصْمِكَ ؟ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالَّذِي رُوِّينَاهُ فِيهَا عَنْ عُمَرَ
كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالَ : إِنِّي وَجَدْتُ صُرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ ، فَعَرَّفْتُهَا ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا ، فَقَالَ : تَصَدَّقْ بِهَا ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَرَضِيَ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ ، وَإِلَّا غَرِمْتَهَا ، وَكَانَ لَكَ الْأَجْرُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدُ الطَّيَالِسِيُّ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ : سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ : خَرَجْتُ حَاجًّا ، فَأَصَبْتُ سَوْطًا ، فَأَخَذْتُهُ ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ : دَعْهُ ، فَقُلْتُ : لَا أَدَعُهُ لِلسِّبَاعِ ، لَآخُذَنَّهُ فَلَأَنْتَفِعَنَّ بِهِ ، فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : أَحْسَنْتَ ، إِنِّي وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا حَوْلًا ، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَقَالَ : احْفَظْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا قَالَ شُعْبَةُ : ثُمَّ إِنَّ سَلَمَةَ شَكَّ ، فَلَا يَدْرِي أَثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ أَمْ عَامًا وَاحِدًا قَالَ سَلَمَةُ : فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثُ ، فَقُلْتُ لِأَبِي صَادِقٍ ، فَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ أُبَيٍّ ، كَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ سُوَيْدٍ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : خَرَجْتُ حَاجًّا ، فَأَصَبْتُ سَوْطًا ، فَأَخَذْتُهُ , فَقَالَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ : دَعْهُ ، فَقُلْتُ : لَا أَدَعُهُ لِلسِّبَاعِ ، لَآخُذَنَّهُ ، وَلَأَنْتَفِعَنَّ بِهِ ، فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : أَحْسَنْتَ ، إِنِّي وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخَذْتُهَا ، فَذَكَرْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا حَوْلًا ، فَإِنْ وَجَدْتَ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ ، وَإِلَّا فَاسْتَنْفَعْ بِهَا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : الْتَقَطْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِائَةَ دِينَارٍ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا ، فَعَرَّفْتُهَا سَنَةً ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ : عَرَّفْتُهَا سَنَةً ، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا سَنَةً فَعَرَّفْتُهَا سَنَةً ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا ، فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ : عَرَّفْتُهَا سَنَةً ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا فَعَرَّفْتُهَا سَنَةً ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا ، فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ : قَدْ عَرَّفْتُهَا سَنَةً ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا قَالَ : احْفَظْ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا ، وَاسْتَمْتِعْ بِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَدْ كَانَ مِنْ أَيْسَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ يَسَارَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الَّذِي ذَكَرَ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَقَدْ كَانَ فَقِيرًا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ : قَالَ أَنَسٌ : كَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ أَرْضٌ ، فَجَعَلَهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيٍّ قَالَ أَبِي ، عَنْ ثُمَامَةَ ، عَنْ أَنَسٍ : وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لِمَنْ ذَهَبَ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ إِلَى مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِيهَا فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِثْلُ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِيهَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مِنْهُمْ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ , أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عَامِرٍ وَهُوَ ابْنُ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : اشْتَرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَادِمًا بِسَبْعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَطَلَبَ صَاحِبَهَا ، فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَعَرَّفَهَا حَوْلًا ، فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا ، فَجَمَعَ الْمَسَاكِينَ ، فَجَعَلَ يُعْطِيهِمْ ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ , عَنْ صَاحِبِهَا ، فَإِنْ أَتَى فَعَنِّي ، وَعَلَيَّ الثَّمَنُ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا يُفْعَلُ بِالضَّالَّةِ وَمِنْهُمْ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي الْمُنْذِرِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِصُرَّةِ مِسْكٍ ، فَقَالَ : إِنِّي وَجَدْتُ هَذِهِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : عَرِّفْهَا ، فَإِنْ وَجَدْتَ صَاحِبَهَا ، وَإِلَّا فَتَصَدَّقْ بِهَا ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، فَخَيِّرْهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْغُرْمِ وَمِنْهُمْ : أَبُو هُرَيْرَةَ
كَمَا نَاوَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ وَكَمَا حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ اللُّقَطَةَ قَالَ : يُعَرِّفُهَا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا تَصَدَّقَ بِهَا ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا خَيَّرَهُ ، فَإِنْ شَاءَ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ الثَّمَنَ ، وَكَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ , حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنِ الْحُرِّ بْنِ الصَّيَّاحِ قَالَ : بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، إِنِّي قَدْ وَجَدْتُ هَذَا الثَّوْبَ ، وَقَدْ عَرَّفْتُهُ سَنَةً ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ ، وَهَذَا يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَيَتَفَرَّقُ النَّاسُ قَالَ : عَرِّفْهُ فِي الْمَوْسِمِ بِعَرَفَاتٍ حَتَّى يَصْدُرَ النَّاسُ قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ ، مَاذَا أَصْنَعُ بِهِ ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : قَوِّمْهُ قِيمَةَ عَدْلٍ ، وَتَصَدَّقْ بِهِ إِنْ شِئْتَ ، وَأَنْتَ ضَامِنٌ مَتَى جَاءَ صَاحِبُهُ يَطْلُبُهُ ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْكَ ثَمَنَهُ ، فَلَكَ الْأَجْرُ ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَجْرُهُ أَمْضَاهُ لِوَجْهِهِ ، وَإِنْ شِئْتَ قَوَّمْتَهُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَلَبِسْتَهُ ، وَكُنْتَ لَهُ ضَامِنًا مَتَى جَاءَ صَاحِبُهُ يَطْلُبُهُ دَفَعْتَ إِلَيْهِ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَجِئْ لَهُ طَالِبٌ ، فَهُوَ لَكَ إِنْ شِئْتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ الَّذِي وَجَدْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ : هُوَ الْأَمْرُ بِالصَّدَقَةِ بِهَا ، إِلَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا مِنْ إِبَاحَتِهِ لِمُلْتَقِطِهَا أَنْ يَلْبَسَهَا إِنْ شَاءَ ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ لِضَرَرٍ رَآهُ بِهِ دَلَّهُ عَلَى حَاجَتِهِ ، فَإِبَاحَةُ لِبَاسِهَا لِذَلِكَ ، فَكَيْفَ يَسَعُ أَحَدًا خِلَافَ هَؤُلَاءِ ، لَا سِيَّمَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهَا مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، ثُمَّ قَالَ هُوَ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ فِيمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ عَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ فِيهِ ، فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ الَّذِي
حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَهُمْ ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَنَا مَعَهُ ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ ، فَقَالَ : اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا كَانَ الْجَوَابُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ حَدِيثَ عُمَرَ وَحَدِيثَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا جَوَابًا لَهُ لِمَا سَأَلَ عَنْهُ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ فِي اللُّقَطَةِ إِلَى مَا قَدِ اجْتَبَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ كَرَاهِيَةِ أَكْلِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ الَّذِي يُعَرِّفُهَا فِيهِ لِمُلْتَقِطِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا حَاجَةٍ إِلَيْهَا : أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ , عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أُرِيدَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَكَانَ أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِيهِ : أَنَّ الْحَجَّ يَجْمَعُ أَهْلَ الْبُلْدَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّذِينَ يَتَفَرَّقُونَ مِنْ حَجَّتِهِمْ إِلَى مَوَاطِنِهِمْ ، ثُمَّ عَسَى أَنْ لَا يَلْتَقُوا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَأَمَرَ مَنْ وَجَدَ مَا سَقَطَ مِنْهُمْ إِنْ كَانَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلُقَطَتِهِ خَوْفَ بَقَائِهَا فِي ضَمَانِهِ ، حَتَّى يَلْقَى بِهَا رَبَّهَا ، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الَّتِي يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهَا لِيَدْفَعَهَا إِلَيْهِ ، وَيَكُونُ أَخْذُهُ إِيَّاهَا لِحِفْظِهَا عَلَيْهِ ، لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ ، وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَا : أَخْبَرَنَا أَبُو يُوسُفَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَكَّةَ : وَلَا يَرْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ لَهَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، وَأَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَكَّةَ : لَا يَرْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِخِلَافِ هَذَا اللَّفْظِ
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارٌ , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، وَكَمَا , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ , حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا ، فَقَالَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ فِي مَكَّةَ : وَلَا تُلْتَقَطُ ضَالَّتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , أَخْبَرَنَا ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فِيمَا حَدَّثْتُ بِهِ عَنْهُ يَقُولُ : مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ ، فَأَمَّا مَعْنَى : وَلَا يَرْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ أَيْ : مَنْ رَأَى لُقَطَةً بِهَا ، فَسَبِيلُهُ أَنْ يَرْفَعَهَا بِيَدِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : لِمَنْ هَذِهِ مِنْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ؟ وَمَعْنَى قَوْلِهِ : وَلَا تُرْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ : أَنَّ الَّذِي يَرَى لُقَطَتَهَا لَا يَسَعُهُ أَخْذُهَا إِلَّا أَنْ يَسْمَعَ رَجُلًا يَقُولُ : مَنْ وَجَدَ كَذَا وَكَذَا ؟ مِمَّا يُوَافِقُ مَا قَدْ رَأَى ، فَيَرْفَعُهَا بِيَدِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَهِيَ هَذِهِ ؟ فَتَأَمَّلْنَا مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَمَا قَدْ قَالَهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فِيهِ ، فَوَجَدْنَا الَّذِي قَالَهُ صَحِيحًا ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنَ اجْتِنَابِ لُقَطَةِ الْحَاجِّ ، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الَّتِي يَرْجُو مَنْ يُحَاوِلُ الْتِقَاطَهَا لِقَاءَ مَنْ هِيَ لَهُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِ مِنْهَا ، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ مَا سِوَاهَا مِنَ اللُّقَطَةِ الَّتِي لَا يَرْجُو فِيهَا ذَلِكَ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى الشَّجَرِيُّ , حَدَّثَنَا أَبِي , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسِيرِهِمْ , بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقِلَادَةَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً ، حَتَّى دَمَعَتْ عَيْنَاهُ ، وَقَالَ : إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَأَنْ تَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا ، فَافْعَلُوا فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمِّنَا فَأَطْلَقُوهُ ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَقَالَ قَائِلٌ : وَمَا كَانَتِ الْحَاجَةُ فِي هَذَا إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّمَا الْمَنُّ فِي ذَلِكَ كَانَ إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا إِلَيْهِمْ ، أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ لَمَّا كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِمْ ، فَقَالَ شَيْخٌ : لَوْ كَانَ جَاءَنِي يَعْنِي أَبَاهُ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : إِنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ إِنَّمَا كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَتْلُهُمْ ، وَكَانَ إِلَيْهِ الْمَنُّ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ قَتْلِهِمْ ، وَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ حَقَنَ فِدَاؤُهُمْ دِمَاءَهُمْ ، وَعَادَ مَا افْتَدَوْا بِهِ مَالًا حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَنِيمَةِ الَّتِي صَارَتْ لِمَنْ أَوْجَفَ عَلَيْهَا مَا لَهُمْ فِيهَا ، فَلَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُطْلِقَ أَمْوَالَهُمْ مِنْهَا إِلَّا بِمَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَعْنًى مِنْ وُجُوهِ الْغَنِيمَةِ بِأَنْ يُعَوَّضَ أَهْلُهَا الَّذِينَ صُرِفَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ , مَا رَأَى أَنْ يُعَوِّضَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ حَتَّى تَسْتَقِرَّ بِكُلِّيَّتِهَا فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي يَجِبُ أَنْ تَسْتَقِرَّ فِيهَا ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، فَأَمَرَ ، فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ ، وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ ، فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءً ، وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ ، فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءً ، فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَائَيْهِمَا أَمَرَتْ بِخِبَاءٍ , فَضُرِبَ لَهَا , فَلَمَّا رَاحَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا هَذَا ؟ آلْبِرَّ تُرِدْنَ ؟ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ ، وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ
وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ عَمْرَةَ ، حَدَّثَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ ، فَأَذِنَ لَهَا ، فَضَرَبَتْ خِبَاءَهَا ، فَسَأَلَتْهَا حَفْصَةُ لِتَسْتَأْذِنَهُ لَهَا ، لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ضَرَبَتْ مَعَهُنَّ ، وَكَانَتِ امْرَأَةً غَيُورًا ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخْبِيَتَهُنَّ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ آلْبِرَّ تُرِدْنَ ؟ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ حَتَّى أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ إِنَّهُ اعْتَكَفَ فِي عَشْرٍ مِنْ شَوَّالٍ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ يُونُسُ فِي حَدِيثِهِ : إِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، وَقَالَ الرَّبِيعُ فِي حَدِيثِهِ قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا ، فَقَالَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرَا فِي حَدِيثَيْهِمَا عَائِشَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ , عَنْ عَائِشَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ إِرَادَةُ مَنْ أَرَادَ الِاعْتِكَافِ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَإِذْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِمَنْ أَذِنَ لَهَا مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ ، وَهَذَا بَابٌ مِنَ الْفِقْهِ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : تَعْتَكِفُ النِّسَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ كَمَا يَعْتَكِفُ الرِّجَالُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَنْ يَعْتَكِفْنَ فِي غَيْرِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : بَلْ يَعْتَكِفْنَ فِي مَسَاجِدِ بُيُوتِهِنَّ ، وَلَا يَعْتَكِفْنَ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ ، كَمَا يَعْتَكِفُ الرِّجَالُ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، هَلْ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحِجَازِيُّونُ إِلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ مِمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، أَمْ لَا ؟ فَوَجَدْنَا الَّذِي فِيهِ مِمَّا أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ أَزْوَاجِهِ ، فَوَجَدْنَا ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ اعْتِكَافٌ مِنْهُنَّ مَعَهُ فِيهِ ، وَقَدْ رَأَيْنَا النِّسَاءَ يُسَافِرْنَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ ، وَمَعَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ مَحَارِمِهِنَّ إِلَى الْأَسْفَارِ الْبَعِيدَةِ ، وَلَيْسَ لَهُنَّ أَنْ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ وَمَعَ غَيْرِ مَحَارِمِهِنَّ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي اتَّسَعَ بِهِ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ فِي الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ هُوَ لِكَوْنِهِ مَعَهُنَّ فِيهِ بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ لِحُرْمَتِهِنَّ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ سِوَاهُ ، فَاتَّسَعَ لَهُنَّ بِذَلِكَ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَمْ يَتَّسِعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِنَّ مِمَّنْ هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَا احْتَجَّ بِهِ الْحِجَازِيُّونَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ وَنَظَرْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَوْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ ، لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ ، كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا ، وَهِيَ الْمَأْمُونَةُ عَلَى مَا قَالَتْ مَعَ عِلْمِهَا وَفِقْهِهَا وَيَقَظَتِهَا ، مَا قَدْ دَلَّ عَلَى النِّسَاءِ إِنَّمَا كَانَ لَهُنَّ إِتْيَانُ الْمَسَاجِدِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاسِعًا لِحَالٍ كُنَّ عَلَيْهَا ، وَقَدْ خَرَجْنَ عَنْهَا بَعْدَهُ إِلَى ضَدِّهَا ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ مَا كَانَ وَاسِعًا لَهُنَّ مِنْ إِتْيَانِهِنَّ إِيَّاهُ عَلَى مَا كُنَّ يَأْتِينَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَإِذَا كُنَّ كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ عَائِشَةَ كُنَّ بَعْدَ مَوْتِهَا مِنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّهُ : إِنْ كَانَ لَهُنَّ أَنْ يَعْتَكِفْنَ ، فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُنَّ فِي خِلَافِ الْمَسَاجِدِ ، لَا فِي الْمَسَاجِدِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً ، فَلْيُشْهِدْ ذَوِي عَدْلٍ ، وَلَا يَكْتُمْ ، وَلَا يُغَيِّرْهَا ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِلَّا فَمَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ , حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ , عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ الْحَذَّاءُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ أَخَذَ لُقَطَةً ، فَلْيُشْهِدْ ذَوِي عَدْلٍ ، وَلْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ، وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّرْهَا ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَتَيْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ وَهُشَيْمِ بْنِ بُشَيْرٍ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، وَقَدْ وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً ، فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ ، ثُمَّ لَا يَكْتُمْ ، وَلَا يُغَيِّبْ ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ : فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ ، وَهُوَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الشَّكِّ مِنْ شُعْبَةَ فِيمَا سَمِعَهُ مِنْ خَالِدٍ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ ، وَالْحِفْظُ قَدْ يَقَعُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا ، وَهُشَيْمٌ أَيْضًا ، فَقَدْ كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ ، وَحِفْظُهُ مَعْهُودٌ مِنْهُ مِثْلُ هَذَا ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ، فَإِنَّمَا كَانَ حَدِيثُهُ مِنْ كِتَابِهِ ، فَمَا رَوَيَاهُ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ شُعْبَةُ فِيهِ ، لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْوَاحِدِ ثُمَّ وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ مُخَالِفًا لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي إِسْنَادِهِ ، وَمُقَصِّرًا فِي مَتْنِهِ عَنْهُمْ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ , فَقَالَ : تُعَرَّفُ وَلَا تُغَيَّبُ ، وَلَا تُكْتَمُ ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَوَجَدْنَا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَيْضًا هَذَا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَتْنِهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا بَابٌ مِنَ الْفِقْهِ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُهُ فِيهِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : إِذَا تَرَكَ الْمُلْتَقِطُ الْأَشْهَادَ عَلَى اللُّقَطَةِ حِينَ الْتَقَطَهَا ، إِنَّهُ إِنَّمَا الْتَقَطَهَا لِيَحْفَظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِيَرُدَّهَا إِنْ وَجَدَهُ ، كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا يَدًا ضَامِنَةً ، وَكَانَ عَلَيْهِ غُرْمُهَا لِصَاحِبِهَا إِنْ ضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ حِينَ الْتَقَطَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا يَدَ أَمَانَةٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا إِنْ ضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : يَدُهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ ، أَشْهَدَ حِينَ الْتَقَطَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ ، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا الْتَقَطَهَا مُرِيدًا بِذَلِكَ حِفْظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَأَدَاءَهَا إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَتَأَمَّلْنَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَانَ أَوْلَى الْمَذْهَبَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِيهِ عِنْدَنَا مَا قَالَتْهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِأَخْذِ اللُّقَطَةِ لِحِفْظِهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِرَدِّهَا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُوَصِّلُ إِلَى حَقِيقَةِ مَا الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ مِنْهُ ، وَلَا يُعْلَمُ إِلَّا بِقَوْلِهِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ إِيَّاهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِيَحْفَظَهَا عَلَيْهِ ، وَيَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ ، عَقَلْنَا أَنَّ الْمَرْجُوعَ إِلَيْهِ فِيمَا يَأْخُذُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ عَلَيْهِ مِمَّا يَكُونُ بِهِ ضَامِنًا ، وَمِمَّا يَكُونُ بِهِ مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ هُوَ مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَالَتْهُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِي ذَلِكَ ، وَانْتِفَاءُ مَا قَالَتْهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فِيهِ وَقَدْ تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ مِمَّنْ وَقَعَ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ ذَوَيْ عَدْلٍ أَوْ ذِي عَدْلٍ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ حُجَّةٌ لِمَالِكِ اللُّقَطَةِ إِنْ دَفْعَهُ عَنْهَا الْمُلْتَقِطُ ، أَوْ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ تَصِيرُ إِلَى يَدِهِ فَلْيُشْهِدْ لَهُ عَلَيْهَا مَنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَشْهَدَهُ عَلَيْهَا مِنْ ذَوَيْ عَدْلٍ ، فَيَسْتَحِقَّهَا لِذَلِكَ ، أَوْ مِنْ ذِي عَدْلٍ ، فَيَحْلِفُ مَعَهُ فَيَسْتَحِقَّهَا بِذَلِكَ ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ حُجَّةً فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَاهُ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ لِمَا ذَكَرَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّكِّ مِنْ شُعْبَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ ، فَكَانَ فِيهِ تَقْصِيرٌ عَنْ مَالِكِ اللُّقَطَةِ بِمَا يَصِلُ بِهِ إِلَى لُقَطَتِهِ إِذَا دَفَعَ عَنْهَا ، إِذْ كَانَ قَدْ يَكُونُ صَبِيًّا غَيْرَ بَالِغٍ ، أَوْ مُكَاتَبًا ، فَلَمْ يَعْتِقْ ، فَيَكُونُ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِمَا يَطْلُبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي شَيْءٍ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي تَرْكِهِ الْأَمْرَ بِإِشْهَادِ ذَوِي عَدْلٍ فِي ذَلِكَ ، فَالْأَمْرُ بِإِشْهَادهِِ ذَوِي عَدْلٍ مِمَّنْ قَدْ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا انْتِفَاءَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيَعُودُ الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ فِيهِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ , عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُنْذِرٍ , عَنْ مُنْذِرٍ وَهُوَ ابْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ : كُنَّا فِي الْبَوَازِيجِ ، فَرَاحَتِ الْبَقَرُ فَرَأَى جَرِيرٌ فِيهَا بَقَرَةً أَنْكَرَهَا ، فَقَالَ لِلرَّاعِي : مَا هَذِهِ الْبَقَرَةُ ؟ فَقَالَ : بَقَرَةٌ لَحِقَتْ بِالْبَقَرِ ، لَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ ، فَأَمَرَ بِهَا جَرِيرٌ ، فَطُرِدَتْ حَتَّى تَوارَتْ ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِعْلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ : أَنَّهُ لَا يَأْوِي الضَّالَّ إِلَّا ضَالٌّ ، وَاسْتَعْمَلَ مَا قَالَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَرِيرٌ بَعْدَهُ فِي الْبَقَرَةِ الَّتِي لَحِقَتْ بِبَقَرِهِ ، وَوَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْوَعِيدِ فِي الضَّوَالِّ وَإِخْبَارِهِ النَّاسَ : أَنَّهَا حَرَقُ النَّارِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ , حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَذَمِيِّ ، عَنِ الْجَارُودِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ , حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , حَدَّثَنَا هَمَّامٌ , حَدَّثَنَا قَتَادَةُ , عَنْ يَزِيدَ أَخِي مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَذَمِيِّ , عَنِ الْجَارُودِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَعْنِي الْقَطَّانَ , حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ , فَقَالَ : أَلَا أَحْمِلُكُمْ ، قُلْنَا : نَجِدُ فِي الطَّرِيقِ هَوَامِيَ الْإِبِلِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ ، عَنِ الْجَارُودِ قَالَ : أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَنَحْنُ عَلَى إِبِلٍ عِجَافٍ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا نَمُرُّ بِالْجَرْفِ ، فَنَجِدُ إِبِلًا فَنَرْكَبُهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الْجَارُودِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ ، فَلَا تَقْرَبَنَّهَا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ , أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ , عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ , عَنِ الْجُرَيْرِيِّ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَذَمِيِّ هَكَذَا قَالَ : عَنِ الْجَارُودِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرِيقُ النَّارِ ، فَلَا تَقْرَبَنَّهَا ثَلَاثًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : ثُمَّ نَظَرْنَا : هَلْ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَحْوَالِ ، أَوْ فِي خَاصٍّ مِنْهَا ؟
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ ، أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ آوَى ضَالَّةً ، فَهُوَ ضَالٌّ ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ : أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ ، أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ , عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْإِيوَاءَ الَّذِي أَرَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، وَفِي الْأَحَادِيثِ الثَّانِيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بَعْدَهُ : إِنَّمَا هُوَ الْإِيوَاءُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ التَّعْرِيفُ ، وَعَقَلْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ الْإِيوَاءَ الَّذِي مَعَهُ التَّعْرِيفُ مَحْمُودٌ مِنْ صَاحِبِهِ ، وَأَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الضَّالِّ الَّذِي جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِإِيوَاءِ الضَّالَّةِ ضَالًّا ، فَنَظَرْنَا : هَلْ نَجِدُهُ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآثَارِ ؟
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَهُمْ ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ : أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَنَا مَعَهُ ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ ، فَقَالَ : اعْرِفْ عِفَاصَهَا ، وَوِكَاءَهَا ، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ : فَضَالَّةُ الْغَنَمِ ؟ قَالَ : لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ : فَضَالَّةُ الْإِبِلِ ؟ قَالَ : مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا ، تَرِدُ الْمَاءَ ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا
وَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ ، وَعَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ حَدَّثَانَا ، قَالَا : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ , حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ قَالَ : لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ وَسُئِلَ عَنِ ضَالَّةِ الْإِبِلِ ، فَقَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا ، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا
وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : أَنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُ : كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ ؟ قَالَ : طَعَامٌ مَأْكُولٌ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ ، احْبِسْ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَكَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ ؟ قَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا ، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا ، وَلَيْسَ يَخَافُ عَلَيْهَا الذِّئْبَ ، تَأْكُلُ الْكَلَأَ ، وَتَرِدُ الْمَاءَ ، حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِيمَا رُوِّينَا مِنْ حَدِيثَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخْذَ مَا أَبَاحَ أَخْذَهُ مِنَ الضَّوَالِّ الْمَوْجُودَةِ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْأَخْذُ عَلَى تَصْحِيحِ حَدِيثِ أَبِي سَالِمٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ هُوَ الْأَخْذُ الَّذِي مَعَهُ التَّعْرِيفُ لَا مَا سِوَاهُ ، وَكَانَ فِيهِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ مَا ظَاهِرُهُ خِلَافُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا لَكَ وَلَهَا ، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا ، تَرِدُ الْمَاءَ ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِنَّمَا أَمَرَ بِهِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ لِمَا أَنَّهُ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا ، فَاتَّسَعَ بِذَلِكَ لِمَنْ وَجَدَهَا تَرْكُهَا ، إِذْ لَا خَوْفَ عَلَيْهَا ، فَيَتَّسِعُ لَهُ أَخْذُهَا مِنْ أَجْلِهِ ، ثُمَّ وَجَدْنَا مَا قَدْ يَكُونُ مَخُوفًا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ الذِّئْبِ مِمَّا يَخَافُ عَلَيْهَا مِنَ الْأَيْدِي الْمَذْمُومَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا ، وَلَا يُعْرَفُ بِهَا إِنْ وَقَعَتْ فِيهَا ، وَتَكُونُ الْأَيْدِي الَّتِي لَا يَخَافُهَا الْمَأْمُونَةُ عَلَيْهَا ، وَالْمَعْرُوفَةُ بِهَا بَعْدَ أَخْذِهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَيَكُونُ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَالِمٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مُبِيحًا أَخْذَهَا لِتَعْرِيفِهَا وَلِرَدِّهَا عَلَى صَاحِبِهَا مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ هَذَا لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ ضَوَالِّ الْإِبِلِ وَضَوَالِّ مَا سِوَاهَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ : أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ ، حَدَّثَهُ : أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا ، فَذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ، فَقَالَ : قَدْ عَرَّفْتُهُ ، فَشَغَلَ عَلَيَّ غُلَامِي ، فَذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَرْسِلْهُ حَيْثُ أَخَذْتَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ غُلَامَهُ فِيهِ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ , حَدَّثَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَدْ أَخَذَ الْبَعِيرَ الضَّالَّ لِيُعَرِّفَهُ ، وَوَقَفَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُعَنِّفْهُ فِي أَخْذِهِ إِيَّاهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ فِي أَمْرِ الضَّوَالِّ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَحْكَامُ الضَّوَالِّ عِنْدَنَا كَأَحْكَامِ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ ، وَقَدْ خَالَفَنَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ ، فَزَعَمَ أَنَّ اللُّقَطَةَ خِلَافُ الضَّوَالِّ : وَأَنَّ الضَّوَالَّ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ ، وَأَنَّ اللُّقَطَةَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَجَعَلَ أَحْكَامَ اللُّقَطَةِ مَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ، وَجَعَلَ أَحْكَامَ الضَّوَالِّ عَلَى مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ ، فَأَبَاحَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ ، وَمَنَعَ مِنْ أَخْذِ الضَّوَالِّ فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ دَفَعَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا }} ، فَجَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ فَقْدَهُمْ إِيَّاهُمْ ضَلَالًا لَهُمْ بِهِمْ عَنْهُمْ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ فَقْدِ عَائِشَةَ قِلَادَتِهَا : إِنَّ أُمَّكُمْ أَضَلَّتْ قِلَادَتَهَا ، فَابْتَغُوهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَقْدَ لِمَا لَهُ رُوحٌ ، وَلِمَا لَا رُوحَ لَهُ ، قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَالٌّ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الضَّوَالِّ وَأَحْكَامَ اللُّقَطَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ فِي هَذَا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا ضَامِنَةً إِذَا لَمْ يَشْهَدْ مُلْتَقِطُهَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا الْتَقَطَ مَا الْتَقَطَهُ لِلتَّعْرِيفِ ، وَالْحِفْظِ عَلَى صَاحِبِهَا ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا يَدَ أَمَانَةٍ لَا ضَمَانَ مَعَهَا ، أَشْهَدَ مُلْتَقِطُهَا عِنْدَمَا الْتَقَطَهَا ، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ ثُمَّ وَجَدْنَا حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى حُكْمِهَا ، وَأَنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ غَيْرُ ضَامِنَةٍ ، وَهُوَ مَا قَدْ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَهْمِيُّ قَالَا : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ ، وَقَالَ رَوْحٌ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، وَرَبِيعَةُ , عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَا : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ اللُّقَطَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا أَحَدٌ ، فَاسْتَمْتِعْ بِهَا ، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ ، فَإِنْ جَاءَ لَهَا طَالِبٌ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ ، فَأَدِّهَا إِلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ رَبِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ اللُّقَطَةَ تَكُونُ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ لَهَا حَتَّى يَلْقَى رَبَّهَا بِغَيْرِ إِشْهَادٍ ذَكَرَهُ فِي الْتِقَاطِهِ إِيَّاهَا كَالْوَدِيعَةِ ، فَالَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ أَمِينٌ عَلَيْهَا غَيْرُ ضَامِنٍ لَهَا فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ كَوْنَهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا إِذَا كَانَ يُرِيدُ بِهَا مَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَيَدُهُ فِيهَا يَدُ أَمَانَةٍ عَلَيْهَا ، لَا يَدَ ضَمَانٍ لَهَا ، وَوَجَدْنَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِسَائِلِهِ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ : احْبِسْ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ إِيَّاهَا لِحَبْسِهَا عَلَى أَخِيهِ أَخْذٌ مَأْمُورٌ بِهِ ، وَلَا يَكُونُ مَعَ الْأَخْذِ الْمَأْمُورِ بِهِ ضَمَانٌ عَلَى مَنْ أَمَرَ بِهِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ : احْبِسْ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَقْصُودًا بِهِ إِلَى ضَالَّةٍ دُونَ ضَالَّةٍ ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ الضَّوَالِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ , عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي خُدْرَةَ وَرَجُلًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ امْتَرَيَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، فَقَالَ الْعَوْفِيُّ : هُوَ مَسْجِدُنَا بِقُبَاءَ ، وَقَالَ الْخُدْرِيُّ : هُوَ هَذَا الْمَسْجِدُ ، مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَخَرَجَا ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَأَلَاهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : هُوَ هَذَا الْمَسْجِدُ ، مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَفِي ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنَا سَحْبَلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى قَالَ : سَمِعْتُ عَمِّي أُنَيْسَ بْنَ أَبِي يَحْيَى يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هُوَ هَذَا يَعْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَسْجِدَهُ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , حَدَّثَنَا سَحْبَلٌ , عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى , عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى , حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ حُمَيْدٍ الْخَرَّاطِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : مَرَّ بِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، فَقُلْتُ لَهُ : كَيْفَ سَمِعْتَ أَبَاكَ يَذْكُرُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ؟ فَقَالَ : قَالَ أَبِي : دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيْنَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ؟ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ، فَقَالَ : هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ قَالَ : فَقُلْتُ : شَهِدْتُ أَبَاكَ يَذْكُرُ هَذَا
حَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، وَحَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ ، أَخْبَرَكَ أَبُوكَ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , عَنِ اللَّيْثِ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا ، فَقَالُوا جَمِيعًا ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، فَقَالَ رَجُلٌ : هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : وَهُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هُوَ مَسْجِدِي هَذَا
وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : تَمَارَى رَجُلَانِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ ، وَالْآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءَ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : هُوَ مَسْجِدِي هَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ صَحِيحَةَ الْأَسَانِيدِ ، مَقْبُولَةَ الرُّوَاةِ ، كُلُّهَا تُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غَيْرَ حَدِيثِ ابْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ مَسْجِدُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءَ وَذَكَرُوهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ , حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ : مَسْجِدُ قُبَاءَ هُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى قَالُوا : وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ بُنْيَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ إِيَّاهُ بِأَيْدِيهِمْ ، وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ حَجَرًا لِقِبْلَةِ مَسْجِدِ قُبَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ حَمَلَ أَبُو بَكْرٍ حَجَرًا آخَرَ ، ثُمَّ حَمَلَ عُمَرُ آخَرَ ، ثُمَّ حَمَلَ عُثْمَانُ آخَرَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَا تَرَى هَؤُلَاءِ يَتْبَعُونَكَ ؟ فَقَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ أُمَرَاءُ الْخِلَافَةِ بَعْدِي وَذَكَرُوا مَعَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا حَدِيثًا مُنْقَطِعًا ، وَهُوَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا عَارِمٌ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : ذُكِرَ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، ابْتَنَوْا مَسْجِدًا ، فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ ، فَيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِهِمْ ، فَلَمَّا أَنْ رَأَى ذَلِكَ إِخْوَتَهُمْ بَنُو غَنْمِ بْنِ عَوْفٍ ، حَسَدُوهُمْ ، فَقَالُوا : نَبْنِي نَحْنُ أَيْضًا مَسْجِدًا كَمَا ابْتَنَى إِخْوَانُنَا ، وَنُرْسِلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَعَلَّ أَبَا عَامِرٍ أَنْ يَمُرَّ بِنَا ، فَيُصَلِّيَ فِيهِ ، فَبَنَوْا مَسْجِدًا ، وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ ، فَيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِهِمْ كَمَا صَلَّى فِي مَسْجِدِ إِخْوَتِهِمْ ، فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَامَ لِيَأْتِيَهُمْ ، أَوْ هَمَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ }} الْآيَةَ وَشَدُّوا ذَلِكَ بِحَدِيثٍ مُتَّصِلٍ ، وَهُوَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ , حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ , حَدَّثَنَا صَدَقَةُ , حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ , حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ , حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا أُنْزِلَتْ : {{ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ }} قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ خَيْرًا فِي الطُّهُورِ ، فَمَا طُهُورُكُمْ هَذَا ؟ قَالُوا : نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ، وَنَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ ؟ قَالَ : هُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمْ بِهِ قَالُوا : فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ هُوَ خِلَافُ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُوَ مَسْجِدُ قُبَاءَ ؛ لِأَنَّ فِي الْآيَةِ : {{ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا }} وَهُمُ الْأَنْصَارُ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ الْقَوْلِ : أَنَّ أُولَئِكَ الرِّجَالَ كَانُوا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ مَسْجِدَهُ كَانَ مَعْمُورًا بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ صَحْبِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ ، وَكَانَ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَارِمٍ حَدِيثًا مُنْقَطِعًا لَا يُقَاوِمُ مِثْلُهُ الْأَحَادِيثَ الْمُتَّصِلَةَ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هُوَ الْمَسْجِدُ الْمَذْكُورُ فِيهَا ، وَهُوَ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي بِمَدِينَتِهِ ، لَا مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُجَادَةَ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ إِبَاحَتِهِ زِيَارَةَ الْقُبُورِ ، وَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَالسُّرُجِ مَعَ ذَلِكَ ، وَيَكُونُ الْوُصُولُ إِلَى ذَلِكَ بِالزِّيَارَةِ لِلْقُبُورِ الْمُتَّخَذِ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، وَتَكُونُ الزِّيَارَةُ لِلْقُبُورِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُتَّخَذًا قَبْلَهَا مُبَاحَةً فَنَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِبَاحَتِهِ زِيَارَةَ الْقُبُورِ ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَنْهِيًّا عَنْهَا
فَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ , حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ , عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَنَزَلَ بِنَا ، وَنَحْنُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، فَفَدَاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِ ، يَقُولُ : مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّي ، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنَ النَّارِ ، وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا ، وَلْتَزِدْكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا ، وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ ، فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ ، وَإِنٍّيِ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ فِي الْأَوْعِيَةِ ، فَاشْرَبُوا فِي أَيِّ وِعَاءِ شِئْتُمْ ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا
وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ : أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ الْوَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، حَدَّثَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا ، فَإِنَّ فِيهَا عِبْرَةً ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ ، أَلَا فَانْتَبِذُوا ، وَلَا أُحِلُّ مُسْكِرًا ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ بَعْدَ نَهْيِهِ كَانَ عَنْ زِيَارَتِهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَقَوِيَ فِي قُلُوبِنَا أَنْ يَكُونَ اللَّعْنُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسِ : إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مُتَّخِذِي الْمَسَاجِدِ وَالسُّرُجِ عَلَيْهَا لَا عَلَى زَائِرِيهَا خَاصَّةً مِمَّنْ لَيْسَ فِي زِيَارَتِهِ قَصْدٌ لِمَسْجِدٍ اتَّخَذَهُ عَلَيْهَا ، وَلَا لِسِرَاجٍ يُوقِدُهُ عَلَيْهَا , وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي لَعْنِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لِاتِّخَاذِهِمْ كَانَ مِثْلَ هَذَا الْمَعْنَى عَلَى قُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، وَابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا : إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ قَالَ : وَهُوَ كَذَلِكَ ، يَقُولُ : لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَصْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالتَّحْذِيرِ مِنَ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِلَّعْنِ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا كَانَ لِمَنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ ، وَلَا لِمَنْ سِوَاهُ مِنْ زائرِي الْقُبُورِ ، لَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ لِمَا سِوَاهُ مِمَّا أَبَاحَ زِيَارَتَهَا مِنْ أَجْلِهِ ، وَقَصَدْنَا إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ هَذَا ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ وَفَاتِهِ ، وَأَنَّهُ لَا نَاسِخَ لَهُ ، وَغَنِينَا بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي لَعْنَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِاتِّخَاذِهِمْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ، مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ هَذَا الْكَلَامِ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَكَّارٍ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَخَتَنِي وَأَبُو وَلَدِي ، وَأَنْتَ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْكَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ عَقَلْنَا بِهِ أَنَّ زَوْجَ ابْنَةِ الرَّجُلِ خَتَنٌ لَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ : {{ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً }} قَالَ : الْحَفَدَةُ : الْأَخْتَانُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِعِبَادِهِ بَنِينَ وَهُمُ الذُّكْرَانُ ، وَبَنَاتٍ يُزَوِّجُونَهُنُّ مِمَّنْ يَكُونُ مِنْ حَفَدَتِهِمْ ، أَيْ : مِنْ أَعْوَانِهِمْ ، وَمِمَّنْ يَدْخُلُ فِي جُمْلَتِهِمْ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ أَبِي بِشْرٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : {{ بَنِينَ وَحَفَدَةً }} قَالَ : هُمُ الْوَلَدُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَلَمْ يَكُنْ هَذَا عِنْدَنَا مُخَالِفًا لِمَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي هَذَا أَنَّهُمُ الْوَلَدُ الَّذِينَ يَكُونُ مِنْهُمُ الْبَنَاتُ اللَّاتِي يَكُنْ سَبَبًا لِلْأَخْتَانِ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَنْ بَعْدَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , حَدَّثَنَا وَهْبٌ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ : سَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنِ الْحَفَدَةِ ، قُلْتُ : هُمُ الْأَعْوَانُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ , حَدَّثَنَا عَارِمٌ , حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ الْحَسَنُ : الْحَفَدَةُ الْخَدَمُ وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ : أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ , حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً }} قَالَ : الْبَنُونَ : بَنُوكَ ، وَبَنُو ابْنِكَ ، وَالْحَفَدَةُ : مَا حُفِدَ لَكَ ، وَعُمِلَ لَكَ ، وَأَعَانَكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّهُمْ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا إِذَا صَارُوا أَزْوَاجًا لِبَنَاتِهِمْ أَنْ يَصِيرُوا لَهُمْ أَعْوَانًا وَخَدَمًا ، وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي الزِّيَادَاتِ الَّذِي
نَاوَلَنَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ عِمْرَانَ ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُغَلِّسِ ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ : أَخْتَانُ الرَّجُلِ : أَزْوَاجُ بَنَاتِهِ ، وَأَخَوَاتِهِ ، وَعَمَّاتِهِ ، وَخَالِاتِهِ ، وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِنْهُ ، وَأَصْهَارُهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِنْ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يُحْكَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِهِ فِي إِصْلَاحُ الْمَنْطِقِ قَالَ : سَأَلْتُ الْأَصْمَعِيَّ مَنِ الْأَخْتَانُ ؟ فَقَالَ : كُلُّ شَيْءٍ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فَهُمُ الْأَخْتَانُ ، مِثْلُ : أُمِّ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا ، وَالْأَصْهَارُ تَجْمَعُ هَذَا كُلَّهُ ، يُقَالَ : صَاهَرَ فُلَانٌ إِلَى بَنِي فُلَانٍ ، وَأَصْهَرَ إِلَيْهِمْ قَالَ : وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْأَصْهَارِ ، فَقَالَ : الصِّهْرُ : زَوْجُ ابْنَةِ الرَّجُلِ وَأَخُوهُ وَأَبُوهُ وَعَمُّهُ ، وَالْأَخْتَانُ : أَبُو الْمَرْأَةِ وَأَخُوهَا وَعَمُّهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا مَا قَدْ قِيلَ فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فَوَجَدْنَا مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي تَخْصِيصِهِ ذَوِي الْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَةِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذُكِرَا فِي هَذَا الْبَابِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ هُوَ فِي الْقَرَابَةِ مِثْلُهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَرْحَامُهُمْ مُحَرَّمَةً ، فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ لَا مَعْنَى لَهُ ، إِذْ كَانَ فِيمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْفَصَاحَةِ مَا قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ ، وَهُوَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ مِمَّا قَالُوهُ عِنْدَ تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ , حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي سَهْمٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ ، فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا ، وَكَانَتِ امْرَأَةً حُلْوَةً مَلِيحَةً ، لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِتَسْتَعِينَهُ فِي مُكَاتَبَتِهَا ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ فَكَرِهْتُهَا ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْأَمْرِ مَا لَمْ يَخْفَ ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمٍ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ ، فَكَاتَبَنِي ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى كِتَابَتِي قَالَ : فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ أَقْضِي عَنْكِ كِتَابَتَكِ ، وَأَتَزَوَّجُ بِكَ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ ، فَقَالُوا : صِهْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، قَالَتْ : فَلَقَدْ أُعْتِقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَلَا نَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لَمَّا بَلَغَهُمْ تَزْوِيجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جُوَيْرِيَةَ لِقَوْمِهَا : أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَجَعَلُوهُمْ بِذَلِكَ أَصْهَارًا لَهُ وَفِيهِمْ مَنْ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مِنْهَا ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ أَصْهَارَ الرَّجُلِ قَوْمُ نِسَائِهِ اللَّائِي هُنَّ أَزْوَاجُهُ ، مِمَّنْ أَرْحَامُهُمُ الَّتِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِ مُحَرَّمَاتٌ أَوْ غَيْرُ مُحَرَّمَاتٍ ، وَكَانَ هَذَا مِثْلَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي قَرَابَةِ الرَّجُلِ وَفِي أَنْسِبَائِهِ : إِنَّهُمْ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى بَنِي الْأَبِ الَّذِي يَنْتَمُونَ إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَقْصَى أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ ، وَمِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ أَقْصَى أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ ، كَانُوا ذَوِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ أَوْ لَمْ يَكُونُوا ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْ كَانَ مِنَ الْآبَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهَذَا قَوْلٌ قَدْ قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا ، كَمَا حَدَّثَنَا الْكَيْسَانِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي إِمْلَائِهِ عَلَيْهِمْ ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ عِنْدَنَا فِي أَصْهَارِهِ أَنْ يُمْتَثَلَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَرَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَوْلُهُمَا لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَقَدْ كُنْتَ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَعْنُونَ تَزْوِيجَهُ ابْنَتَهُ فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ , حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، حَدَّثَهُ قَالَ : اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَا : لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ ، وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ ، فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا ، فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : لَا تَفْعَلَا ذَلِكَ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ ، فَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ : مَا يَمْنَعُكَ هَذَا إِلَّا نَفَاسَتُكَ عَلَيْنَا ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ قَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَبُو حَسَنٍ ، أَرْسِلَاهُمَا ، فَانْطَلَقَا ، وَاضْطَجَعَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ ، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ لِعَلِيٍّ : لَقَدْ نِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ صِهْرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِتَزَوُّجِهِ ابْنَتَهُ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يُوجِبُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ رَبِيعَةَ لِعَلِيٍّ : لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَيْ : نِلْتَ أَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صِهْرًا لَكَ بِتَزْوِيجِكَ ابْنَتَهُ ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ : نِلْتَ مَعْرُوفَ فُلَانٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّكَ نِلْتَ الْمَعْرُوفَ الَّذِي كَانَ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ ، لَا أَنَّ الَّذِي نَالَ الْمَعْرُوفَ كَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قِبَلِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ قِبَلِ غَيْرِهِ إِلَيْهِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي نَفْسِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ , حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى يَعْنِي الْعَوْصِيَّ , حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ , حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، حَدَّثَهُ قَالَ : قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، فَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ ، ثُمَّ هَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَبَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ ، وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمَعْنَى ذَلِكَ كَمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مِثْلِهِ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَلَمَّا ثَبَتَ فِي الْأَصْهَارِ مَا ذَكَرْنَا ، وَأَنَّهُمْ أَنْسِبَاءُ أَزْوَاجِ الْبَنَاتِ ، كَانَتْ أَنْسِبَاءُ أَرْحَامِهِمْ بِأَزْوَاجِهِمْ مُحَرَّمَاتٍ أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمَاتٍ كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الْأَخْتَانُ الَّذِينَ هُمْ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ ، وَأَزْوَاجُ الْأَخَوَاتِ ، وَأَزْوَاجُ الْعَمَّاتِ ، وَأَزْوَاجُ الْخَالِاتِ يَكُونُ أَنْسِبَاؤُهُمُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ كَأَنْسِبَاءِ الزَّوْجَاتِ فِيمَا ذَكَرْنَا الَّذِينَ صَارُوا بِذَلِكَ أَصْهَارًا لِلْأَزْوَاجِ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ مُحَرَّمَاتٍ أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمَاتٍ ، وَقَدْ أَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ فِي الْأَنْسَابِ أَنَّهُ ذَكَرَ عَاصِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ قَالَ : كَانَ قَدْ وَلِيَ لِأَبِي جَعْفَرٍ خُرَاسَانَ ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيِّ ، فَأَنْشَدَهُ لِعَاصِمٍ هَذَا قَالَ : فَلَوْ كُنْتُ صِهْرًا لِابْنِ مَرْوَانُ قُرِّبَتْ رِكَابِي إِلَى الْمَعْرُوفِ وَالْعَطَنِ الرَّحْبِ وَلَكِنَّنِي صِهْرُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَخَالُ بَنِي الْعَبَّاسِ وَالْخَالُ كَالْأَبِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَنْسِبَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْهَارٌ لِزَوْجِهَا ، كَانَتْ أَرْحَامُهُمْ مِنْهَا مُحَرَّمَاتٍ ، أَوْ كَانَتْ أَرْحَامُهُمْ مِنْهَا غَيْرَ مُحَرَّمَاتٍ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ , عَنْ عُمَيْرٍ قَالَ الشَّيْخُ : وَهُوَ أَحَدُ مَوَالِي الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ : حُرِّمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ ، وَمَنِ الصِّهْرِ سَبْعٌ ، ثُمَّ قَرَأَ : {{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ }} هَذَا مِنَ النَّسَبِ ، وَبَاقِي الْآيَةِ مِنَ الصِّهْرِ ، وَالسَّابِعَةُ : {{ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ }} فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنَ الصِّهْرِ سَبْعًا ، أَيْ حَرَّمَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يَكُونُ لَهُ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهُ أَصْهَارًا سِوَاهُ مِنْ أَنْسِبَائِهِ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ