عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ , فَقَالَ : " تُعَرَّفُ وَلَا تُغَيَّبُ ، وَلَا تُكْتَمُ ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ "
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ , فَقَالَ : تُعَرَّفُ وَلَا تُغَيَّبُ ، وَلَا تُكْتَمُ ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَوَجَدْنَا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَيْضًا هَذَا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَتْنِهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا بَابٌ مِنَ الْفِقْهِ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُهُ فِيهِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : إِذَا تَرَكَ الْمُلْتَقِطُ الْأَشْهَادَ عَلَى اللُّقَطَةِ حِينَ الْتَقَطَهَا ، إِنَّهُ إِنَّمَا الْتَقَطَهَا لِيَحْفَظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِيَرُدَّهَا إِنْ وَجَدَهُ ، كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا يَدًا ضَامِنَةً ، وَكَانَ عَلَيْهِ غُرْمُهَا لِصَاحِبِهَا إِنْ ضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ حِينَ الْتَقَطَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا يَدَ أَمَانَةٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا إِنْ ضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : يَدُهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ ، أَشْهَدَ حِينَ الْتَقَطَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ ، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا الْتَقَطَهَا مُرِيدًا بِذَلِكَ حِفْظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَأَدَاءَهَا إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَتَأَمَّلْنَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَانَ أَوْلَى الْمَذْهَبَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِيهِ عِنْدَنَا مَا قَالَتْهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِأَخْذِ اللُّقَطَةِ لِحِفْظِهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِرَدِّهَا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُوَصِّلُ إِلَى حَقِيقَةِ مَا الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ مِنْهُ ، وَلَا يُعْلَمُ إِلَّا بِقَوْلِهِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ إِيَّاهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِيَحْفَظَهَا عَلَيْهِ ، وَيَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ ، عَقَلْنَا أَنَّ الْمَرْجُوعَ إِلَيْهِ فِيمَا يَأْخُذُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ عَلَيْهِ مِمَّا يَكُونُ بِهِ ضَامِنًا ، وَمِمَّا يَكُونُ بِهِ مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ هُوَ مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَالَتْهُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِي ذَلِكَ ، وَانْتِفَاءُ مَا قَالَتْهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فِيهِ وَقَدْ تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ مِمَّنْ وَقَعَ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ ذَوَيْ عَدْلٍ أَوْ ذِي عَدْلٍ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ حُجَّةٌ لِمَالِكِ اللُّقَطَةِ إِنْ دَفْعَهُ عَنْهَا الْمُلْتَقِطُ ، أَوْ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ تَصِيرُ إِلَى يَدِهِ فَلْيُشْهِدْ لَهُ عَلَيْهَا مَنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَشْهَدَهُ عَلَيْهَا مِنْ ذَوَيْ عَدْلٍ ، فَيَسْتَحِقَّهَا لِذَلِكَ ، أَوْ مِنْ ذِي عَدْلٍ ، فَيَحْلِفُ مَعَهُ فَيَسْتَحِقَّهَا بِذَلِكَ ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ حُجَّةً فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَاهُ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ لِمَا ذَكَرَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّكِّ مِنْ شُعْبَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ ، فَكَانَ فِيهِ تَقْصِيرٌ عَنْ مَالِكِ اللُّقَطَةِ بِمَا يَصِلُ بِهِ إِلَى لُقَطَتِهِ إِذَا دَفَعَ عَنْهَا ، إِذْ كَانَ قَدْ يَكُونُ صَبِيًّا غَيْرَ بَالِغٍ ، أَوْ مُكَاتَبًا ، فَلَمْ يَعْتِقْ ، فَيَكُونُ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِمَا يَطْلُبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي شَيْءٍ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي تَرْكِهِ الْأَمْرَ بِإِشْهَادِ ذَوِي عَدْلٍ فِي ذَلِكَ ، فَالْأَمْرُ بِإِشْهَادهِِ ذَوِي عَدْلٍ مِمَّنْ قَدْ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا انْتِفَاءَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيَعُودُ الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ فِيهِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ