عنوان الفتوى : الجلسات العائلية المختلطة تتسبب في الكثير من المفاسد
أنا شاب من تونس أعيش وسط عائلة مع الأسف بعيدة عن تعاليم الدين الإسلامي، تعرفت مؤخراً على شابة ملتزمة والحمد لله قصد الزواج، ولقد أخبرتني أنه لا يجوز لها أن تجلس في مجلس يضم غير المحارم حتى بحضوري، فهل هذا الأمر حرام، وما الحل إذا تسبب في قطيعة بيني وبين عائلتي، خاصة أننا اعتدنا التجمع كل يوم أحد للغذاء مع كل أفراد العائلة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الاختلاط بين النساء ومن ليسوا محارم لهن من الرجال أمر منكر وتترتب عليه كثير من المفاسد، وقد سبق بيان بعض منها في الفتوى رقم: 3539 فالواجب الحذر منه، ومن الممكن أن يقال إن مثل هذه الجلسات العائلية جائزة إذا أمنت الفتنة وروعيت ضوابط الشرع في تستر النساء وغض البصر ونحو ذلك، ولكن مراعاة مثل هذه الضوابط أمر عزيز، وخاصة إذا كانت العائلة بعيدة عن تعاليم الدين، كما هو الحال في عائلتك -إن ثبت ما ذكرته عنها- فالسلامة كل السلامة في البعد عن مثل هذه الجلسات.
وينبغي مراعاة الحكمة في معالجة هذا الأمر بالاستناد إلى نصوص الشرع في بيان الحكم الشرعي مع استخدام الرفق واللين والأسلوب الحسن لئلا يحدث ما تخشاه من أمر القطيعة، ولكن على فرض عدم قبولهم هذا الأمر وحصول القطيعة فلا مؤاخذة عليك في ذلك، ولا يجوز لك مجاملتهم على حساب دينك، وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. ونوصيك بالصبر عليهم، والحرص على صلتهم وإن قطعوك، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
والله أعلم.