عنوان الفتوى : ما أباح الشرع شيئا ما أو حرمه إلا لمصلحة عاجلة أو آجلة

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

ما زلنا معشر النساء في حيرة من أمرنا فالفتاوى كثيرة والآراء أكثر ونحن نتخبط بين المذاهب، فقد ورد في إحدى فتاواكم (ومنها تحسين الخلقة) ذكرتم هذا النص في الفتوى رقم 20494 وعليه نحن نقص شعر الرأس ونصبغه من أجل تحسين الخلقة وننتف شعرالجسم لنفس السبب وكذلك الإبط والعانة رغم أنه من سنن الفطرة إلا أن القصد واحد هو تحسين الخلقة والمظهر وللتجميل، ونقلم الأظافر ونبردها لتحسين الأيدي، أيضاً على المرأة التي لها شنب لها أن تزيله طلباً للحسن، أفلا يعتبر ذلك من تغيير خلق الله، فوضع الميك أب وتسريح الشعر بالقص وغيره من أمور الزينة بل إن جميع الزينة التي تعملها النساء هي القصد منها الحسن والتجميل وفيها تغيير للخلق, فهل كل ذلك يندرج تحت اللعن، وورد في حديث ابن مسعود (المتفلجات للحسن) فهل القصد هنا للمتفلجات للحسن هو المعترض عليه وليس بقية الزينة (والتي كلها تشمل تغيير للخلق) التي تتخذها النسوة، قال الإمام الطبري: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن للزوج ولا لغيره كمن تكون مقرونة الحاجبين... فكل ذلك داخل في النهي وهو من تغيير خلق الله تعالى ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر، فالضرر النفسي واقع لا محالة ونحن في عصر الفضائيات ورجالنا يلفت نظرهم النساء المتبرجات واللاتي يدعون رجالنا صراحة للفاحشة بأسلوبهم وغنجهم, فيرغب الرجال أن نتخذ بعضا من زينتهم لتصونهم من الزنا، ونحن في هذا العصر حتى لو امتنع الرجل عن مشاهدة الفضائيات فما بال المتبرجات في بث حي ومباشر في الأسواق وفي كل مكان فمستحيل أن يلزم الرجال بيوتهم، فإن كان كل ما ذكرت فيه لعن فكيف السبيل لاتخاذ الزينة للزوج؟ وإن كان مباحا لماذا جاء اللعن على شعر الحاجب فقط، أليس بغريب هذا التحريم أو هو كما حرم الله على أبوينا تلك الشجرة، الرجاء الإجابة بوضوح على أسئلتي دون التحويل على أرقام فتاوى ثانية, فقد قرأت الكثير من الفتاوى ولم أقتنع بالردود، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن السبيل لاتخاذ الزينة للزوج هو باتباع حكم الشرع، والحذر من التقليد الأعمى لأعداء الإسلام وأعداء المرأة الذين يتلاعبون بها وبعواطفها.. والحكم الشرعي إذا ثبت وجب على المسلم قبوله والعمل به كما قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا { الأحزاب:36}،  هذا من حيث المبدأ، ثم إذا اختلفت فتاوى أهل العلم في حكم جزئية من فروع الدين فإن على العامي أن يأخذ برأي من يثق في علمه ودينه، ولا يجب عليه تقليد شخص بعينه -كما قال المحققون من أهل العلم- وإن كان الأورع أن يبتعد عن كل ما يشك فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه أحمد وغيره.

ولذلك فلا داعي للحيرة والقلق والتردد بين المذاهب والفتاوى.. فنحن في هذا الموقع قد بينا بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم.. معظم الأحكام المتعلقة بالزينة وما يخص المرأة منها وخاصة قص الشعر وإزالته وصبغه وعمليات التجميل وإزالة التشويه وتحسين المظهر... في عدة فتاوى كما أشرت فلا نطيل عليك بذكرها.

والفرق بين إزالة شعر الشارب أو اللحية بالنسبة للمرأة أو أي زائد يشوه الصورة والمنظر وبين النمص الذي جاء اللعن عليه إذا كان المقصود منه مجرد الحسن هو أن الأول زائد على الخلقة المعهودة ويشوه المنظر وبإزالته يكون التجمل والعودة إلى الخلقة الطبيعية بخلاف إزالة الثاني فإنه تغيير للخلقة الطبيعية ولهذا حرمه الإسلام، فالإسلام دين الفطرة والنظافة والحسن والتجمل... يلبي حاجات الإنسان ورغبته في الزينة ويرخص للمرأة أكثر تلبية لرغبتها، ولكنه يضبط ذلك حتى لا ينزلق المسلم في الغلو واتباع الهوى والشيطان فيغير خلق الله ويشوه نفسه.. ومن عناية الإسلام بالزينة أن الله تعالى أضافها لنفسه وأنكر على من حرمها على عباده، فقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {الأعراف:32}، وبذلك تعلمين أن هذا الدين لم يحرم شيئاً إلا لحكمة ولمصلحة العباد العاجلة أو الآجلة علم ذلك من علمه وجهله من جهله، وعلى المؤمن أن يقول سمعنا وأطعنا ولا يقول سمعنا وعصينا أو اعترضنا..

والله أعلم.