عنوان الفتوى : علاج إدمان النظر إلى المحرمات
ما حكم المسلم البالغ العاقل المتزوج الذي يشاهد التلفاز وما يعرض فيه من برامج إباحية ثم يشعر بالذنب ثم يتوب ثم يعود بعد فترة ثم يتوب ثم.. وهكذا مراراً وتكراراً.. وللعلم لو اجتنب هذا الذنب والله لا أبالغ إن قلت أنه حقا من أصحاب الجنة.. وصدقوني ما بالغت.. وللعلم عندما يحس بالذنب ويختلي بنفسه يضرب ويحقر نفسه كأنما شخص أمامه يكلمه ويقول بعبارات كثيرة مفادها (ما بقي لك من العمر حتى تشاهد هذا, ما ينقصك لتشاهد هذا وعندك الزوجة الحسناء والأولاد الحافظون للقرآن وأنت تحفظ القرآن وأحيانا تصلي بالناس إماما, يا.. كذا وكذا يوبخ نفسه, ماذا تريد وإلى متى)، هذا عدا عن الصلاة في جوف الليل يدعو الله باكيا على ذنبه وحاله ثم يهدأ يوما أو حتى شهر ثم يعود.. بالله عليكم أفيدوني بالتفصيل الممل، ما حل هذه المشكلة التي أقلقتني جدا, فهو مريض لم يجد دواء, رغم عظم دواء وشفاء القرآن, وماذا أقول له وهو يصف نفسه بكل تلك الصفات التي تكاد تنقص الكثير من المحسوبين على الدين, وأشهد له عندما يحضر يبدأ الحضور بذكر الله ورسوله.. فهو بحضوره يذكرهم بالدين... وما حكمه الشرعي وماذا سيكون حاله في الآخرة، وما حاله لو مات على هذه المعصية وللعلم سمعته دائما يدعو ويقول يارب أمتني على طاعة ولا تمتني على معصيتي, وفي قنوت الفجر أحيانا يقول: يا رب نعوذ بك من كل شرك خفي ثم يردد دعاء سيدنا محمد بذلك, ثم يقول وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمسلم أن يشاهد الأفلام الإباحية فذلك نوع من الزنا المحرم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... والعينان تزنيان وزناهما النظر... رواه البخاري ومسلم. وقد أمر الله عز وجل بغض البصر عن الحرام، فقال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، وقد تقدم ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 27224، والفتوى رقم: 26620 نرجو من السائل الكريم الاطلاع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
وما دام هذا الشخص بالأوصاف المذكورة وعنده هذه النفس اللوامة فإننا ننصحه بتقوى الله تعالى وتدارك نفسه وترك مشاهدة التلفاز وإبعاده من بيته إذا لم يكن يستطيع السيطرة عليه والتحكم في نفسه حتى لا يجره إلى ما هو أكبر، فإن من القواعد المسلمة عند أهل العلم: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح والسلامة لا يعدلها شيء.
فهذا من أهم الحلول التي نراها مناسبة، وقد سبق بيان وسائل تقوية الإيمان والاستقامة على الطاعة في الفتوى رقم: 1208، والفتوى رقم: 10800 بإمكاننك أن تطلع عليهما.
وأما حاله في الآخرة لو مات على هذه المعصية فإنه في مشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وغفر له وإن شاء أخذه بذنبه وأدخله الجنة بعد ذلك، هذا إذا لم يتب قبل الوفاة، أما من تاب فإن الله تعالى يتوب عليه ويغفر له كما قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
والله أعلم.