عنوان الفتوى : الرفاعية بين المؤسس الصالح والأتباع المحرفون
أنا أصلي في مسجد الحي والذي بُني عام 1992 وفي جانبه (20 مترا) بنيت عام 1998 زاوية للصوفية حسب الطريقة الرفاعية يجتمعون فيها للذكر (حسب طريقتهم) كل يوم أحد وخميس، ونحن مسجدنا مفتوح دائما للمصلين (رغم قلة عدد المصلين في الحي)، إلا أنه في عام 2005 بدأت الزاوية بإقامة 5 صلوات ورفع الأذان, وعندما بدأنا شباب المسجد بتصليح المسجد وتوسعته لأجل إقامة صلاة الجمعة في الحي أعلنت الزاوية عن إقامة صلاة الجمعة وفعلاً بدأت حيث كان عدد المصلين يوم الجمعه 7 أفراد ومن ثم 15 وهكذا حتى ازداد العدد حتى وصل ما يقارب المائة... وعندما تجهز مسجدنا دخلنا في حيرة من أمرنا بإقامة صلاة الجمعة وذلك حرصنا على توحيد المسلمين، ولكننا نخاف على عامة الناس من خطورة الزاوية والبدع التي فيها، فما الحل حسب رأيكم، وهل الصلاة في الزاوية صحيحة ومقبولة رغم وجود المسجد، أفيدونا أفادكم الله وقواكم وبارك فيكم وزادكم من علمه وثبتكم على الحق أينما كنتم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن أهل الحي يؤدون صلاة الجمعة والجماعة في المسجد المعد لذلك، وأما الزاوية المذكورة، فعلم من خلال سؤالك أن أصحابها أحدثوا الجماعة فيها بعد المسجد، ولما علموا بإقامة الجمعة فيه بادروا أيضاً بإقامة جمعة فيها فصارت كالضرار للمسجد، وعليه فالذي ينبغي عليكم هو مراعاة الخطوات التالية في معالجة هذه القضية:
1- الجلوس مع القائمين على الزاوية وإعلامهم بأن المسجد هو الأصل للصلاة، وأنه بني قبل الزاوية، والمطلوب هو اجتماع أهل الحي في مكان واحد لقلتهم وقرب المسجد من الزاوية، وأنه لا داعي لتفرقة المسلمين بهذا التصرف، فإن قبلوا بالاجتماع مع الناس للصلاة في المسجد فهو المطلوب؛ وإلا فهم المفرقون للمسلمين ولستم أنتم.
2- نوصيكم بالرفق والحكمة واتخاذ الوسائل المناسبة واختيار الأشخاص الذين لهم قبول عند الناس وخبرة في معالجة القضايا المشكلة والحديث مع المخالفين.
3- نقد ما عليه هؤلاء من انحراف وأنهم السبب في الفرقة، ولكن برفق وحكمة، ونقل كلام أهل العلم المعروفين المشهود لهم بالصلاح في بيان أخطائهم، ومن أولئك العلماء شيخهم الرفاعي نفسه والذين اتبعوه وانتسبوا إليه بحق، ويمكنكم معرفة ذلك بمراجعة تراجم الإمام الرفاعي وحاصل كلام أهل العلم فيه أنه من أئمة الإسلام المشهود لهم بالخير والصلاح، قال عنه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: الإمام، القدوة، العابد، الزاهد، شيخ العارفين. وقال عنه ابن الملقن في طبقات الأولياء: أستاذ الطائفة المشهورة، كان من حقه التقديم، فإنه أوحد وقته حالا وصلاحا، فقيها شافعيا. وأثنى عليه آخرون وانتفعوا بكلامه في السلوك والتزكية المستمد من الكتاب والسنة والسلف الصالح.
وانتسب إليه أناس هو منهم براء فصارت الرفاعية -كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية- فرقتين، قال ابن تيمية رحمه الله: إنهم -أي الرفاعية- وإن كانوا منتسبين إلى الإسلام وطريقة الفقر والسلوك، ويوجد في بعضهم التعبد والتأله والوجد والمحبة والزهد والفقر والتواضع ولين الجانب والملاطفة في المخاطبة والمعاشرة والكشف والتصرف، ونحو ذلك ما يوجد، فيوجد أيضاً في بعضهم من الشرك وغيره من أنوع الكفر ومن الغلو والبدع في الإسلام والإعراض عن كثير مما جاء به الرسول، والاستخفاف بشريعة الإسلام، والكذب والتلبيس وإظهار المخارق الباطلة، وأكل أموال الناس بالباطل، والصد عن سبيل الله ما يوجد.
والمقصود من هذا كله أن تعلموا أن كثيراً من هؤلاء المنتسبين إلى أولئك الأئمة قد غيروا وبدلوا وانحرفوا عن طريقهم، فلا ينفعهم ثناء العلماء على أئمتهم الذين انتسبوا إليهم زوراً وبهتاناً، وهم ربما يحاولون إظهاركم أمام الناس أنكم ضد العلماء والصالحين، فينبغي أن تبينوا للناس أنكم ممن يجل أهل العلم والصلاح، ويحرص على جمع الكلمة واتباع السنة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.