عنوان الفتوى : الرد على بعض معتقدات الصوفية
هناك بعض الأقوال والمعتقدات للصوفية أريد تجليتها بالأدلة الدامغة: ـ حياة الخضر ـ الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة ـ ضرورة اتخاذ شيخا يريه معالم الطريق كما وقع للإمام الغزالي والشيخ العز بن عبد السلام ـ الطرق الصوفية ما هي إلا مدارس تربوية وإن اختلفت في التربية لكن الهدف والغاية واحدة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذ المسائل قد أجبنا عليها في فتاوى كثيرة، بعضها وقع الكلام عليها مفصلا، وبعضها مجملا.
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 26689. الأدلة على وفاة الخضر عليه السلام، فراجعها.
وكذلك ذكرنا في الفتويين التالية أرقامهما: 9991، 55529، أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أو الاجتماع به بعد موته صلى الله عليه وسلم غير ممكن.
وأما ما يدعيه الصوفية من ضرورة أن يتخذ المريد شيخا ليريه معالم الطريق؛ فإن حقيقة هذا الاتخاذ هو العبودية والإذلال، قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه الفكر الصوفي: قد وضع المتصوفة آداباً أوجبوها على المريد والسالك في الطريق الصوفي، وهذه أهم هذه الآداب نقول تجاوزاً آداب وإنما هي في الحقيقة جهل وانحلال وعبودية وإذلال:
1ـ لا تخالف الشيخ مطلقاً فيما يأمرك به، هذا هو المبدأ الأول، والشرط الأول، والأدب الأول للمريد، وأن تكون موافقة الشيخ بالقلب والجوارح، فلا إنكار ولا مخالفة لشيء مما يقوله مطلقاً، ولا اعتراض عليه بلسان أو بقلب وشعارهم دائماً:
"كن بين يدي شيخك كالميت بين يدي الغاسل"!! وكن عنده كالميت عند مغسل…يقلبه كيف يشاء، وهو مطاوع (منحة الأصحاب للرطبي ص 75).
يقول القشيري في بيان ما يجب على المريد: "وأن لا يخالف شيخه في كل ما يشير عليه لأن الخلاف للمريد في ابتداء حاله دليل على جميع عمره" (القشيرية ص182).
ويقول أيضاً: "ومن شروطه أن لا يكون بقلبه اعتراض على شيخه" (القشيرية ص182)...
2ـ لا يجوز الإنكار على شيوخ التصوف أبداً ولو مع المنكر دليل، يقول أحمد بن مبارك السلجماسي فيما يرويه عن شيخه الجاهل الأمي عبدالعزيز الدباغ:
"واعلم وفقك الله أن الولي المفتوح عليه يعرف الحق والصواب، ولا يتقيد بمذهب من المذاهب، ولو تعطلت المذاهب بأسرها لقدر على إحياء الشريعة وكيف لا وهو الذي لا يغيب عنه النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين!! ولا يخرج عن مشاهدة الحق جل جلاله في أحكامه التكليفية وغيرها، وإذا كان كذلك فهو حجة على غيره وليس غيره حجة عليه؛ لأنه أقرب إلى الحق من غير المفتوح عليه، وحينئذ فكيف يسوغ الإنكار على من هذه صفته، ويقال إنه خالف مذهب فلان في كذا، إذا سمعت هذا فمن أراد أن ينكر على الولي المفتوح عليه لا يخلو إما أن يكون جاهلاً بالشريعة كما هو الواقع غالباً من أهل الإنكار وهذا لا يليق به الإنكار والأعمى لا ينكر على البصير أبداً" (الإبريز ص192).
وهذا داهية الدواهي؛ لأنه زعم أن الشيخ له مذهبه الخاص الذي يتلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم رأساً، ولا حاجة عنده إلى التلقي من أي مذهب فقهي لأي إمام مجتهد، فلا تعترض أيها المريد على شيخك؛ لأنه يتلقى الوحي غضاً طرياً، وهؤلاء العلماء عميان وهو مبصر!!...
لم يقتصر الأمر على طاعة الشيخ فيما لا فائدة منه ولا معقولية له، بل تعدى الأمر ذلك إلى الاعتقاد أن للشيخ شريعته الخاصة، ودينه المستقل فله أن يشرب الخمر، أو يزني وليس لمريده أن يسأل عن شيء من ذلك، يقول السلجماسي أيضاً:
"قال محيي الدين العربي: ومن شروط المريد أن يعتقد في شيخه أنه على شريعة من ربه ونبيه منه ولا يزن أحواله بمسيرته، فقد تصدر من الشيخ صورة مذمومة في الظاهر، وهي محمودة في الباطن، والحقيقة يجب التسليم وكم من رجل كأس خمر بيده ورفعه إلى فيه، وقلبه الله في فيه عسلاً، والناظر يراه شرب خمراً، وهو ما شرب إلا عسلاً، ومثل هذا كثير، وقد رأينا من يجسد روحانيته على صورة ويقيمها في فعل من الأفعال ويراها الحاضرون على ذلك الفعل فيه، ولو رأيناه فلا يفعل كذا وهو عن ذلك الفعل بمعزل، وهذه كانت أحوال أبي عبدالله المصلي المعروف بقضيب البان، وقد رأينا هذا مراراً في أشخاص" اهـ. (الإبريز ص202). انتهى باختصار. وفي هذا الكتاب عدة نقولات عن مشايخ الصوفية تبين خطورة تربية الشيخ للمريد عن الصوفية، فراجعه.
وأما الزعم بأن (الطرق الصوفية ما هي إلا مدارس تربوية، وإن اختلفت في التربية لكن الهدف والغاية واحدة)، فهذ الزعم باطل؛ لأن هذه الطرق اشتملت على كثير من الضلالات والبدع والأمور الشركية، وإن كانت تتفاوت فيما بينها. فكيف يراد لطرق هذا حالها أن تكون مدارس تربوية. وراجع الفتويين التالية أرقامهما: 13742، 149877.
والله أعلم.