عنوان الفتوى : مخالطة الأقارب وترك مجالسهم إذا خاضوا في المحرمات
بارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير وأراحكم الله تعالى من كل سوء كما تريحونا من القلب أدعو لكم. سؤالي هو إكمال لسؤال سابق رددتم فيه علي بارك الله تعالى فيكم بالنسبة لمجالس الغيبة وصلة الرحم وإن شاء الله نتبع ما نصحتمونا به ولكن بارك الله فيكم قلتم أن أجتنب هذه المجالس وأعوض ذلك بهدايا واتصالات وغيرها هذه في حالة أن يكونوا بعيدا ولكن ما الحل إذا كانوا بالجوار وربما يوميا أو شبه يومي تكون زياراتهم إنني أتمنى من قلبي أن ألقى الله عز وجل ولا أتلفظ بذلك أقول أسأل الله أن يكون ابتلاء لا بلاء وأن يعفيني من هذا يعني اجتنابهم كيف ذلك وهم يطرقون الباب كيف إلى ذلك سبيلا وطلبت منهم بكل لين ورفق ومحبة ألا يتلفظوا أمام أولادي بالألفاظ المؤذية حتى لا يتعلموا وهم يرونهم يوميا وأنا أحاول جهدنا أن نعلمهم أخلاقيات الإسلام ولكن لا شيء يتغير إنما يزيد سوءا ولا حول ولا قوة إلا بالله وأيضا إذا كان ذهابي لعندهم لمساعدة ويبدأ الكلام من ذكر لمساوئ الموتى وكل آفات اللسان التي تعلمون بها فكيف أترك تلك الجلسة إنني أتحمل على نفسي التعب وإيذائي ولكن حرمات الله قلبي يدمى معها ولن أمل من النصح ولكن هم يعرفون ويسمعون المجالس الدينية ويحدثون ولكن يخرجون من المجالس وكأنها دخلت من الأذن للأذن الأخرى فلن ينفع نصحهم بالشرائط لأن عندهم ما يكفي وأرجو ألا يكون كلامي غيبة في حقهم كونكم لا تعرفونهم ولكن أحببت أن أطلعكم على قربهم بالسكن وفرض وجودهم علي فهل علي إثم في هذه الجلسات ومن أقصدهم هم الجدود والعمات وأنتم تذكرون أن طاعة الجد واجبة من الأحفاد فكيف إن تعارضت مع توجيهات الأم والأب مع اجتناب جرح مشاعرهم والله لا أريد إلا طاعة الله وعذرا على الإطالة شاكرة لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نصحناك في جواب سؤالك السابق بأن لا تملي من نصح هؤلاء، وأن الهداية بيد الله، وهذا ما نؤكده لك الآن، ونضيف هنا أنك إذا فعلت ما أوجب الله عليك من النصح فلا يضرك بعد ذلك فعلهم، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: 105}.
وإذا أخذوا في الخوض في شيء من المحرمات فاتركي مجالستهم، ولو كانوا جدودا وعمات وخالات...
ثم ما ذكرناه من أن طاعة الجد واجبة هو صحيح، وإن أمكن الجمع بينها وبين طاعة الأبوين فذاك هو الأفضل، وإن تعذر ذلك فطاعة أي من الأبوين مقدمة على طاعة الجد.
وهذا كله حيث لم يكن في طاعة أحد من هؤلاء معصية لله، وأما إن كانت ثمت معصية فلا طاعة لأي منهم، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والهيتمي والألباني.
ثم اعلمي أن الله تعالى لا يكلفك إلا بما تستطيعينه، فقد قال جل من قائل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا. { البقرة : 286}.
فهوني على نفسك واصبري واحتسبي.
والله أعلم.