عنوان الفتوى : أحكام اضطراب دورة المرأة
أنا سيدة في ال44 من عمري لدي مشكلة في انتظام الدورة الشهرية منذ سنتين تقريباً حيث في مرات تأتي في الموعد وأحياناً تتقدم عشرة أيام عن موعدها ويكون قبلها أربعة أيام مجرد إفرازات بنية اللون وفي كل مرة يختلف الموعد والطريقة مما يجعلني في حيرة من صحة صلاتي وصيامي، فعليه يرجى التكرم بإفادتي. وشكراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مجيء الحيض قبل موعده أو تأخره عنه أمر وارد كما أنه قد يزيد أو ينقص عن عادته من قبل.
وعليه.. فإذا كانت الإفرازات البنية قد نزلت بعد خمسة عشر يوما من الطهر من الدورة السابقة فإنها تعتبر بداية الحيض وذلك لأن لها مواصفة الكدرة، والكدرة في زمن إمكان الحيض لها حكمه عند الكثير من أهل العلم، لا سيما إذا اتصل بها الدم، وقيل لا تكون الصفرة ولا الكدرة حيضا إلا في أيام الحيض، والمراد بأيام الحيض على هذا القول أيام العادة.
قال النووي في المجموع وهو يتكلم عن الصفرة والكدرة: الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُمَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ حَيْضٌ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِالْعَادَةِ، والمقصود بزمن الإمكان أن تكون بعد مرور خمسة عشر يوما من انقطاع دم الحيض السابق وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْ رَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الصُّفْرَةُ حَيْضٌ وَالْكُدْرَةُ لَيْسَتْ بِحَيْضٍ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهَا دَمٌ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إنْ تَقَدَّمَهَا دَمٌ فَهُمَا حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا، قَالَ: وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَحَكَى الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمَا حَيْضٌ فِي مُدَّةِ الْإِمْكَانِ، وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: لَا تَكُونُ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضًا، وَمَدَارُ أَدِلَّةِ الْجَمِيعِ عَلَى الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْكِتَابِ. وَاَللَّهُ أَعلم . اهـ
وقال الباجي في المنتقى: وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْغُبْرَةَ وَالْكُدْرَةَ كُلَّهَا دِمَاءٌ يُحْكَمُ لَهَا بِحُكْمِ الدَّمِ وَذَلِكَ يُرَى فِي وَقْتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَبْلَ الطُّهْرِ. وَالثَّانِي: بَعْدَهُ. فَأَمَّا مَا رَأَتْ مِنْهُ قَبْلَ الطُّهْرِ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ دَمُ حَيْضٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَهُ دَمٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَتْ زَمَنَ الْحَيْضِ ابْتِدَاءً دُونَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَمٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا، وَإِنْ رَأَتْهُ النُّفَسَاءُ كَانَ نِفَاسًا، وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الِاسْتِحَاضَةِ كَانَ اسْتِحَاضَةً، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ. انتهى
وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 77527، والفتوى رقم: 72039، ما تفعل الحائض إذا زاد الحيض على فترة عادتها، وراجعي الفتوى رقم: 4109.
والله أعلم