عنوان الفتوى : العامل على الزكاة هل يأخذ منها بأكثر من وصف
هل يجوز لمن يجمع الزكوات ويوزعها للفقراء أن يأخذ منها باعتبار أنه من العاملين عليها؟ وكم يأخذ؟ وإذا كان محتاجا هو نفسه وهو ممن يستحقها، فهل يجوز له أن يأخذ؟ وكم يأخذ؟ وهل يجوز له أن يأخذ من جهتين، من جهة أنه غارم - مثلا - ومن جهة أنه من العاملين عليها، أم يأخذ في كل الأحوال من جهة واحدة فقط؟ وعلى سبيل المثال إذا كان المبلغ عشرة آلاف، فكم يأخذ في جميع الأحوال؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان مكلفا بجمع الزكاة من قبل الحاكم أو من ينوب عنه فإن له أن يأخذ بصفته عاملا عليها، ويأخذ أجرة مثله، كما يجوز له أن يأخذ منها أيضا بصفته فقيرا أو غارما -إذا كان كذلك- لأن كل وصف من هذه الأوصاف يستحق به الأخذ من الزكاة، ووجود غيره لا يمنع الاستحقاق به. قال ابن قدامة في المغني:
وإن اجتمع في واحد أسباب تقتضي الأخذ بها جاز أن يعطى بها، فالعامل الفقير له أن يأخذ عمالته، فإن لم تغنه فله أن يأخذ ما يتم به غناه، فإن كان غازيا فله أخذ ما يكفيه لغزوه، وإن كان غارما أخذ ما يقضي به غرمه لأن كل واحد من هذه الأسباب يثبت حكمه بانفراده، فوجود غيره لا يمنع ثبوت حكمه كما لم يمنع وجوده إلى أن قال: وكل صنف من الأصناف يدفع إليه ما تندفع به حاجته من غير زيادة، فالغارم والمكاتب يعطى كل واحد منهما ما يقضي به دينه وإن كثر، وابن السبيل يعطى ما يبلغه إلى بلده، والغازي يعطى ما يكفيه لغزوه، والعامل يعطى بقدر أجره، ولا يعطى أحد من هؤلاء زيادة على ما تندفع به الحاجة؛ لأن الدفع لها فلا يزاد على ما تقتضيه. انتهى. بحذف قليل.
أما إذا لم يكن موظفا من قبل الحاكم أو نائبه فليس له أن يأخذ منها مقابل جمعها لأنه بمثابة الوكيل هنا؛ لكن له أن يأخذ بصفة الفقر أو الغرم إن كانت الزكاة لعموم الفقراء، ويأخذ بقدر حاجته فإن كانت لمعينين فلا يجوز له الأخذ منها، وقد سبق أن أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم:71754 ، والفتوى المحال عليها فيها.
وخلاصة القول أنه في حال ما إذا كان الشخص موظفا على جمع الزكوات من قبل الحاكم أو نائبه فإن له الأخذ منها بصفته عاملا، فإن لم يكن معينا على جمعها فليس له أن يأخذ بهذا الوصف. وفي كل الحالات له الأخذ بصفة الفقر والغرم إن كانت الزكاة لعموم الفقراء ويأخذ قدر ما يقضي به الدين ويسد به حاجته، لكن إذا كان هناك فقراء أشد فقرا منه فينبغي أن يقدمهم أو يحاصصهم حسبما يرى أنه هو الأصلح والأعدل في حق الجميع. ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:38964 ، والفتوى رقم: 23855.
والله أعلم.