عنوان الفتوى : حكم تقبيل الأضرحة عند زيارتها والاستغاثة بأهلها
وهذه رسالة وردتنا من المرسل حاتم ظاهر من الجمهورية العراقية يقول: هل زيارة الإمام أو السيد تعتبر ذنب على الزائر إذا قبل الشباك أو باب الغرفة أو الضريح للإمام؟ وما الحكم في كلام الزائر أثناء هذه الزيارة كأن يقول للإمام: أنا دخيل عليك أن تنقذني من هذه القصة أو غير ذلك أفيدونا أفادكم الله؟ play max volume
الجواب: زيارة القبور سنة مؤكدة للرجال إذا كان المقصود منها الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له، كما كان النبي يزور القبور عليه الصلاة والسلام وكان أصحابه يزورون القبور، وقال لهم ﷺ: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة فالزيارة فيها خير عظيم ومصالح تذكر الإنسان الآخرة تذكره الموت يدعو لإخوانه الأموات يستغفر لهم يترحم عليهم هذه الزيارة الشرعية، كان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وفي حديث عائشة: يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين.
هذه هي الزيارة الشرعية، أما كونه يدعو الميت يقول: أنا دخيلك أو اشفني من مرضي أو خلصني من كذا هذا شرك أكبر.. هذا لا يجوز لا مع أمام ولا مع غير إمام لا مع النبي ولا مع الإمام أبي حنيفة ولا مع غيرهم لا يجوز أن يقال هذا للأموات، لا يقل للميت: أنا في جوارك أن في حسبك اغفر لي أو انصرني أو اشف مريضي أو رد غائبي أو خلصني من هذه الكربة التي أنا فيها أو ما أشبه ذلك هذا لا يقال ولا يجوز، بل هذا من خصاص الله لا يقال للميت ولا للجماد كالصنم ولا للجن ولا للملائكة بل هذا يطلب من الله ، فالذي يتعاطى هذه الأمور مع أصحاب القبور قد فعل الشرك الأكبر الذي حذر الله منه عباده وأنزل الكتب في حقه وأرسل الرسل لأجل ذلك، قال : كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا الله [هود:1-2] وقال سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] قال : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].
فالعبادة حق الله سبحانه وتعالى فليس للعبد أن يطلب شفاء المرض أو رد الغائب أو التخليص من الكرب من الأموات أو من الأصنام أو من الكواكب أو من الأشجار والأحجار أو من الجن أو من الملائكة كل هذا لا يجوز بل هو شرك أكبر.
وإنما الزيارة الشرعية مثل ما تقدم أن يزور القبور ويسلم عليهم ويقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لا حقون نسأل الله لنا ولكم العافية ويغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وما أشبه ذلك، دعاء لهم وترحم عليهم وعلى الزائر نفسه هذا هو المشروع.
وأما تقبيل الشباك أو تقبيل القبر أو التمسح به هذا كله لا يجوز، ولكن يقف عند القبر ويسلم فقط. ولا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها ولا القباب كل هذا مما أحدثه الناس، الرسول ﷺ قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك وقال جابر : نهى النبي ﷺ عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها تجصيص القبور أو البناء عليها أو اتخاذها مساجد كله منكر كله لا يجوز، ومن أسباب الغلو فيها وعبادتها من دون الله.
فالواجب على الزائر أن يتقيد بالأمر الشرعي وأن يبتعد عما حرم الله عليه، فيزورها كما زارها النبي ﷺوالمسلمون للدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له، أما دعاؤه هو دعاء الميت نفسه والاستغاثة به والنذر له أو التدخل به عن كذا وكذا هذا كله لا يجوز وكله من الشرك بالله ، وهكذا الجلوس عند القبر يدعو الله أو يصلي عند القبر هذا لا يجوز أيضاً بل يجب الحذر من ذلك؛ لأن هذا من وسائل الشرك فدعاء الميت شرك أكبر والاستغاثة به والاستشفاع به ونحو ذلك هذا من الشرك الأكبر، والجلوس عنده للدعاء والصلاة من البدع ومن وسائل الشرك، وهكذا البناء على القبور واتخاذ القباب عليها واتخاذ المساجد كله من البدع وكله من وسائل الشرك ومن ذرائعه، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك وأن يعيدوا القبور على حالها الأولى يزيلون ما عليها من مساجد ومن قباب، وعليهم أن يتركوها كما كانت في عهد النبي ﷺ وعهد أصحابه ضاحية تحت الشمس ليس عليها قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب، نسأل الله العافية والسلامة. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.