عنوان الفتوى : الهبة بقصد حرمان بعض الورثة
أنا شاب في مقتبل العمر ولي خالة تملك مساحة من الأرض الزراعية ولأنني أحب أفراد العائلة لخالتي هذه وأبرهم فوجئت بها ذات يوم وقد عزمت على كتابة عقد بيع بهذه المساحة من الأرض باسمي أي أن الأرض تصبح قانونا ملكي دون أن أدفع ثمن شرائها المدون بالعقد مع توصيتها لي بأن أستغل ثمن الأرض بعد وفاتها في عمل خيري ينفعها في الآخرة كصدقة جارية إلا أنني شعرت ( اجتهادا مني ) أن غرضها أيضا من ذلك أن لا ينتفع إخوانها من هذه الأرض كميراث بعد وفاتها بصفتهم الورثة الوحيدون الشرعيون لها وذلك بسبب عدم اهتمامهم بها وعدم العطف عليها وما إلى ذلك من التفريط في صلة الرحم على حد قولها خلال أحاديثها عنهم في مناسبات مختلفة.وقد وجدت نفسي أمام إصرارها العجيب مرغم على قبول تحمل هذه الأمانة وتم بالفعل عمل العقد والتسجيل دون علم إخوانها ( حسب طلبها )وبعدها خلدت إلى نفسي أفكر في الأمر الذي أقحمت نفسي فيه فما مدى شرعيته ؟ وماذا علي أن أفعل إذا طالبني أخوالي بميراث أختهم بعد وفاتها ؟ وكيف يمكنني العمل بوصيتها إذا وافتني المنية قبلها مع ملاحظة أن أبي وإخوتي يعلمون بهذا وأن هذه الارض مجرد أمانة عندي وليست من ممتلكاتي التي أورثها .لذا أرجو الإفادة بما يجب علي فعله كيلا أقع دون علم في مآخذ شرعية أحاسب عليها أمام الله في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للواهب أن يقصد بهبته أو وصيته حرمان بعض الورثة فإن ذلك من المحرمات بل من الكبائر كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه سعيد بن منصور بسند صحيح كما في الفتح . ومن باع بيعا صوريا يريد من ورائه حرمان ورثته مما هو لهم فقد ظلم وتعدى حدود الله تعالى, فالله تعالى قد قسم التركة قسمة عادلة, وأعطى كل ذي حق حقه فقال الله تعالى :لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا { النساء:7} وقال تعالى :تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء :13-14 } وعليه فما دمت تعلم أن خالتك هذه إنما أرادت بما فعلته من تسجيل الأرض باسمك أن تحرم ورثتها من الحق الذي جعله الله لهم فلا يجوز لك أن تساعدها على ذلك ولا أن تقبله منها . ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم:71872 .
والله أعلم.