عنوان الفتوى : وضوء وصلاة صاحب السلس
أرجو الإجابة على سؤالي جزاكم الله عني كل خير أنا أدرس في الجامعة في مدينة غير التي أسكن فيها ولكن لا تبعد كثيرا عن مدينتي، يعني أنني أذهب وأرجع إلى البيت في نفس اليوم . المشكلة هي أنني مريضة بمرض يجعلني لا أحتفظ بالوضوء لمدة طويلة, والجامعة لا تتوفر على مكان نظيف أستطيع الوضوء فيه. أنا الآن لا أعرف ما الصحيح: هل هو صلاة الظهر والعصر جمع تقديم قبل خروجي من البيت أو التيمم والصلاة في مسجد الجامعة مع العلم أن المرض يجعل ملابسي غير نظيفة. مع الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الأخت السائلة تخرج من البيت بعد دخول وقت الظهر وكانت مصابة بالسلس بحيث يلازمها في أغلب الأوقات فإن لها أن تجمع بين الظهرين جمع تقديم، لأنها في حكم ذي السلس الذي يجوز له الجمع كما أسلفنا في الفتوى رقم:24945، والفتوى رقم:57848 ، ولا فرق بين سلس البول وغيره، ويكفي عند الجمع بين الصلاتين وضوء واحد، سواء كان الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء تقديما أو تأخيراً.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: ويجوز للمستحاضة الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد.. إلى أن قال: وغير المستحاضة من أهل الأعذار مقيس عليها وملحق بها. انتهى. وقال الشوكاني في السيل الجرار: ولهماـ أي المستحاضة وصاحب سلس البول ـ جمع التقديم والتأخير والمشاركة بوضوء واحد. انتهى. وإن كانت تذهب من البيت قبل دخول وقت الظهر فلا يجوز لها الجمع حينئذ لأن وقت الصلاة الأولى لم يدخل بعد ويجب عليها عند الصلاة أن تتوضأ في الجامعة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ولها أن تجمع أيضا لأجل السلس،هذا وننبهها على أن عدم وجود مكان نظيف للوضوء لا يبيح التيمم إذ لا يشترط في الوضوء وجود مكان نظيف بل تتوضا في الحمام وغيره إذا لم يوجد مكان مخصص للوضوء، فإن لم تستطع الوضوء بأي حال فلها أن تتيمم لأنها صارت في حكم عادم الماء مع أنه لا يتصور عدم وجود مكان للوضوء في عمارة كبيرة تحتوي عادة على حمامات وصالات، ثم إنه لا تجوز الصلاة في الملابس المتنجسة، بل يجب غسلها أو تبديلها عند الصلاة إن أمكن ذلك، ويجري على الأخت السائلة هنا ما يجري على صاحب السلس من أحكام قد بيناها في الفتوى رقم:9346، والفتوى رقم:12198، وذهب المالكية إلى أن السلس إذا لازم أكثر الوقت لا ينقض الوضوء، وعليه فلا يجب الوضوء لكل صلاة بل يستحب فقط إلا إذا حصل ناقض غير السلس كما أنه لا يجب عندهم على صاحب السلس شد المحل بخرقة ونحوها بل ولا غسل موضع النجاسة الملازمة كل يوم ولو مرة، كل هذا لرفع الحرج والمشقة، قال في منح الجليل شرح مختصر خليل في الفقه المالكي: (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْوُضُوءُ (إنْ لَازَمَ) أَيْ السَّلَسُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى رَفْعِهِ (أَكْثَرَ) الزَّمَنِ وَأَوْلَى إنْ لَازَمَ نِصْفَهُ لَا إنْ لَازَمَ جَمْعَهُ , وَمَحَلُّ النَّدْبِ مِنْ مُلَازِمِ الْأَكْثَرِ إذَا لَمْ يَشُقَّ (لَا) إنْ (شَقَّ) أَيْ صَعُبَ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِسَبَبٍ نَحْوَ بَرْدٍ انتهى.، و قال الدردير رحمه الله وهو من المالكية شارحاً قول خليل بن إسحاق في مختصره: (وعفي عما يعسر كسلس لازم) يعفى عن كل ما يعسر التحرز عنه من النجاسات بالنسبة للصلاة ودخول المسجد... والمراد بالسلس: ما خرج بنفسه من غير اختيار من الأحداث كالبول والمذي والمني والغائط يسيل من المخرج بنفسه، فيعفى عنه ولا يجب غسله للضرورة إذا لازم كل يوم ولو مرة اهـ.
وفي هذا المذهب من اليسر والسهولة ورفع الحرج ما لا يخفى .
والله أعلم.